للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مما ابتدعه بعض أهل القبلة مضاهاة للنصارى وغيرهم من المشركين فأصله من دين المشركين لا من دين عباد الله المخلصين (١)، ويحتمل كلام مالك أنه يريد بالدعاء الذي كرهه هو الدعاء للنبي بصيغة الصلاة أو غيرها مع طول القيام.

وهذا الاحتمال هو الذي فهمه بعض العلماء، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي مع كثرة الصلاة والسلام عليه فقد كرهه مالك وقال: هو بدعة لم يفعلها السلف ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" (٢).

ومثله ابن عبد الهادي (٣).

ويحتمل أن الإمام مالكاً يريد ما يعم كل ذلك من الدعاء للنبي أو الدعاء لنفسه.

وهذا الذي يقتضيه صنيع شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه استدل به في كل ذلك (٤).

ومما يستفاد من كلام الإمام مالك أنه إذا كان يكره أن يطيل الرجل الوقوف عند قبره للدعاء له أو عنده فكيف بمن لا يقصد لا السلام عليه ولا الدعاء له، وإنما يقصد دعاءه وطلب حوائجه منه، ويرفع صوته عنده، فيؤذي الرسول ويشرك بالله، ويظلم نفسه؟ (٥).

ولا يخالف هذا الذي سبق عن مالك، ما قاله مالك في رواية ابن وهب: "إذا سلم على النبي ودعا يقف ووجهه إلى القبر الشريف لا إلى القبلة ويدنو ويسلم، ولا يمس القبر بيده" (٦).


(١) الفتاوى: ٢٧/ ١٣٠.
(٢) الجواب الباهر: ٤٧، والمطبوع مع الفتاوى: ٢٧/ ٣٨٤، والقاعدة: ١/ ٢٣٢.
(٣) الصارم: ١٥١ - ١٥٢.
(٤) انظر الجواب الباهر: ٥٧ و ٥٨ - ٥٩ و ٦٥.
(٥) الجواب الباهر: ٥٨، والصارم المنكي: ١٥٢.
(٦) الشفا: ٢/ ٦٧١، والمنتقى: ١/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>