للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن المراد بقوله: "ودعا" هو الدعاء للنبي بلفظ الصلاة ويؤيد هذا سياق الكلام لقوله فيما بعد "ويدنو ويسلم" إلخ. كما يؤيده أن أبا الوليد الباجي (١) أنه قال: "وعندي يدعو للنبي بلفظ الصلاة ولأبي بكر لما في حديث ابن عمر من الخلاف" (٢)، أي يدعو لأبي بكر وعمر بلفظ السلام، لا بلفظ الصلاة. كما يؤيده ما نقله في المبسوط عن مالك أنه قال: "لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر" وقد تقدم نقله كاملاً قريباً.

كما يؤيد ذلك الجمع بين الروايات عن مالك فلا يكون هناك اختلاف فيما روي عن مالك من كون الدعاء عند القبر بدعة، وكونه جائز (٣).

ويحتمل أنه أراد الدعاء اليسير (٤) الذي يجيء ضمناً وتبعاً، ولكن سياق الحكاية عن مالك لا يؤيد هذا الاحتمال بل يدل على أن مالكاً يرى عدم جواز الدعاء مطلقاً.

٥ - ومما يدل على أن السلف يرون الدعاء عند القبر بدعة أنهم قالوا في الرجل يسلم على النبي أنه لا يدعو مستقبلًا القبر الشريف، بل عليه إذا أراد الدعاء أن يستقبل القبلة.

هذا هو مذهب الأئمة الأربعة، وغيرهم من أئمة الإسلام قالوا: إن الرجل إذا سلم على النبي ، وأراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة


(١) هو سليمان بن خلف بن سعد التجيبي الأندلسي القرطبي حافظ، إمام، علامة (ت ٤٩٤ هـ) انظر السير: ١٨/ ٥٣٥، وتذكرة الحفاظ: ٣/ ١١٧٨.
(٢) المنتقى: ١/ ٢٩٦، وعنه في الشفا: ٢/ ٦٧٢، وقاعدة جليلة ضمن الفتاوى: ١/ ٢٣١، والرد على الأخنائي ص: ١٠٥، والصارم المنكي: ١٢٦.
(٣) الصارم: ٢٦٠.
(٤) الرد على الأخنائي ص: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>