للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنته، وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه مشرباً روياً لا نظمأ بعده أبداً" (١).

فهذا الدعاء للنفس بعد الدعاء للنبي إنما جاء ضمناً ولم يتحر ثم، إنه يسير، ومما يستفاد من ألفاظ الأدعية التي ذكرها الإمام أحمد أنه "لم يذكر أن يطلب منه شيئاً ولا يقرأ عند القبر قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ﴾ الآية، كما لم يذكر مالك ذلك ولا المتقدمون من جمهور العلماء" (٢) لأن هذه الأمور مما أحدث بعد القرون المفضلة، "فالسلف كلهم متفقون على أن الزائر لا يسأله شيئاً ولا يطلب منه ما يطلب منه في حياته، ويطلب منه يوم القيامة لا شفاعة، ولا استغفاراً ولا غير ذلك، وإنما نزاعهم في الوقوف للدعاء له والسلام عليه عند الحجرة" (٣).

هذا ومما يدل على أن هذا الدعاء اليسير الذي ذكره أحمد لم يتحر فيه أن أحمد قال قبل ذلك: "ثم ائت الروضة … وادع بما شئت" فهذا يدل على أن الروضة هي المكان الذي يتحرى فيه الدعاء فلهذا أطلق الإمام أحمد الدعاء فيها، والزائر للمسجد عليه التحري والاجتهاد للدعاء في الروضة لا عند القبر.

وهذه النصوص من أئمة السلف وبعض الأئمة الأربعة ترد على المتأخرين الذين يَدَّعُوْن أنهم على مذهبهم فإن بعضهم قد استحب الدعاء عند قبر النبي وغيره (٤).


(١) الرد على الأخنائي: ١٠٥، ١٠٦، والصارم: ١٢٦.
(٢) الرد على الأخنائي ص: ١٢٦، والصارم: ١٢٦.
(٣) الرد على الأخنائي ص: ١٠٦، والصارم: ١٢٧.
(٤) انظر فتح القدير لابن الهمام ٣/ ٩٥ - ٩٦، والمدخل لابن الحاج: ١/ ٢٥٢، ومراقي الفلاح: ١/ ٢٩٤ - ٢٩٥، وانظر ما ادعاه الداجوي في البصائر من أن القبور ترقق القلب والدعاء مطلوب عند الرقة. البصائر ص: ٨٧، كما في الإرشاد: ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>