للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يؤدي الفرض عندها في حال العافية، فإن أكثر المصلين في حال العافية لا تكاد تفتن قلوبهم بذلك إلا قليلاً، أما الداعون المضطرون ففتنتهم بذلك عظيمة جداً، فإذا كانت المفسدة والفتنة التي لأجلها نهي عن الصلاة عندها متحققة في حال هؤلاء كان نهيهم عن ذلك أوكد وأوكد" (١)، وذلك لأن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، وقد تحقق وجود العلة هنا فالدعاء عند القبر ذريعة بدون شك ولا ريب إلى دعاء صاحب القبر فيكون منهياً عنه عند القبر كما نهي عن الصلاة عنده.

وهذا الذي سبق يبين أن علة النهي عن اتخاذ القبور مساجد هو الخوف من عبادتها وقد نص على هذه العلة الإمام الشافعي (٢) وغيره، وهذا القول هو القول الصحيح من قولي العلماء (٣).

وقيل النجاسة، وهذا قول ضعيف (٤) لأنَّه لا يمكن في قبور الأنبياء ادعاء النجاسة كما هو واضح.

ثم من العجب العجاب، أنه مع صحة الأحاديث الناهية عن اتخاذ القبور مساجد يقول بعض الناس: "إنّ من اتخذ مسجداً قرب رجل صالح أو صلى في مقبرة قصداً للتبرك بآثاره وإجابة دعائه هناك والاستظهار بروحه فلا حرج" (٥).


(١) اقتضاء الصراط: ٣٣٧ - ٣٣٨، ونحوه في منهاج السنة: ٢/ ٤٣٩.
(٢) انظر الأم: ١/ ٢٤٦.
(٣) انظر في هذا: منهاج السنة: ٢/ ٤٣٩، ورأس الحسين ص: ١٨٩، وإغاثة اللهفان: ١/ ١٤٧، والمغني لابن قدامة: ٢/ ٧٢.
(٤) ملحق المصنفات: ٩٠، وحاشية ابن عابدين: ١/ ٣٥٢، وأحكام الجنائز للألباني ص: ٢١٥، وتحذير الساجد له: ٤٤ - ٤٥، وأبطله في إغاثة اللهفان بتسعة وجوه: ١/ ١٤٧.
(٥) انظر إكمال الإكمال للأبي: ٢/ ٢٣٤، ومقالات الكوثري: ١٥٧ - ١٥٩، وانظر أيضاً ما نقله الصنعاني عن البيضاوي في سبل السلام: ١/ ٢٥٦، وشرح الزرقاني على الموطأ: ٤/ ٢٣٣، وفيض القدير للمناوي: ٤/ ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>