للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى أن هذا مصادمة للنص الصحيح الصريح في دلالته، ولا سبب لهذا -والله أعلم- إلا الجري وراء مألوفات العوام والتقليد الأعمى.

وقد يكون هذا من تأثير الروافض في عوام أهل السنّة؛ لأن من آداب زيارة الأئمة عندهم صلاة الزائر عند الفراغ وإهداءها إلى المزور وإن كان ممن يدعون له العصمة فالأفضل الصلاة عند رأسه، ولا يتقدم على القبر ولا يساويه ولا يستدبره، كما أن من الآداب عندهم الدعاء بعد الصلاة وتقبيل العتبة (١).

ومما يدل على تأثيرهم في أهل السنة ما ذكره ابن كثير من بعض ملوك أهل السنّة من قصد قبور أئمتهم للدعاء عنده (٢). وذكر نحوه ابن الجوزي (٣).

ومما يزيد هذا الدليل وضوحاً: أن النبي نهى (٤) عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها واستوائها لسد ذريعة الشرك لئلا يفضي ذلك إلى التشبه بالذين يسجدون لها ويدعونها، كما يفعله أهل دعوة الشمس والقمر والكواكب الذين يدعونها بأنواع الأدعية، فيعلم من هذا أن دعوة الشمس والسجود لها هو محرم في نفسه أعظم تحريماً من الصلاة التي نهى عنها لئلا يفضي إلى دعاء الكواكب، كذلك لما نهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد -فنهى عن قصدها للصلاة عندها لئلا يفضي ذلك إلى


(١) انظر المصباح للكفعمي ص: ١٧٩، ٤٩٢، ٤٩٣، ٤٩٤، ٥٠٣، ٥٠٤، وأخرج الكليني في الكافي في زيارة الحسين بإسناده عن أبي عبد الله قال: "إذا فرغت من السلام على الشهداء فائت قبر أبي عبد الله "ع" فاجعله بين يديك ثم تصل ما بدا لك" الكافي: ٣/ ٣٦٢ ط/ ح.
(٢) البداية والنهاية: ١٢/ ١٥٢، وانظر ما يقع في المشهد الكاظمي من الازدحام في: دراسات تاريخية للعمري ص: ٢٥٨.
(٣) المنتظم لابن الجوزي: ٨/ ١٠٥.
(٤) قد روى ذلك عدة من الصحابة منهم ابن عمر وأبو هريرة وغيرهم، حديث ابن عمر في البخاري: ٢/ ٦٠ رقم ٥٨٥، ومسلم: ١/ ٥٦٧ رقم ٨٢٧، وحديث أبي هريرة في البخاري: ٢/ ٦١ رقم ٥٨٨، ومسلم: ١/ ٥٦٦ رقم ٨٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>