للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعائهم والسجود لهم - كان دعاؤهم والسجود لهم أعظم تحريماً من اتخاذ قبورهم مساجد (١)، وذلك لأن الحكم في المقاصد والغايات أشد من الوسائل والذرائع، وهذا كله يدل على أن الدعاء عند القبور وسيلة وذريعة إلى دعاء صاحب القبر أكثر من كون الصلاة عند طلوع الشمس ذريعة إلى عبادتها أو دعائها فيكون أولى بالمنع وأحرى وأوكد.

٧ - إن من قواعد الشرع الأصلية العظيمة قاعدة سد الذرائع، فهي قاعدة اتفق عليها العلماء، والدعاء عند القبر ذريعة إلى دعاء صاحب القبر، وذلك أن الشيطان العدو اللدود للإنسان يتلطف في إغوائه فيزين له في بداية أمره الدعاء عند القبر وأنَّه أرجح منه في بيته ومسجده وأوقات الأسحار، فإذا تقرر ذلك عنده نقله إلى درجة أخرى وهي الدعاء به، والإقسام على الله به، وهذه الدرجة أعظم من التي قبلها، فإذا قرر الشيطان عنده أن الإقسام على الله به، والدعاء به أبلغ في تعظيمه واحترامه، وأنجع في قضاء حاجته، نقله إلى درجة أخرى، وهي دعاء صاحب القبر من دون الله تعالى، فإذا تقرر ذلك نقله إلى درجة أخرى وهي اتخاذ قبره وثناً يعكف عليه ويوقد عليه القنديل، ويعلق عليه الستور ويبني عليه القبة، ويعبده بالسجود له والطواف به وتقبيله واستلامه، والحج إليه والذبح عنده.

ثم إذا تقرر هذا ينقله إلى درجة أخرى وهي دعوة الناس إلى عبادته واتخاذه عيداً ومنسكاً وأن ذلك أنفع لهم في دنياهم وآخرتهم (٢).


(١) قاعدة في التوسل: ١/ ١٦٤ - ١٦٥، ٣٢١، والجواب الباهر: ٧٢، ورأس الحسين ص: ١٨٩ - ١٩٠، واقتضاء الصراط ص: ٦٣، ٣٣٤، والفتاوى: ٢٧/ ١٢٣ - ١٢٤، والجواب الكافي: ١٣٧ - ١٣٨، ومفيد المستفيد: مؤلفات الشيخ قسم العقائد: ٢٨٧ - ٢٨٨.
(٢) إغاثة اللهفان: ١/ ١٦٧ - ١٦٨، ومنهاج السنة: ٢/ ٤٣٩ - ٤٤٠، وانظر ما تقدم ص: ٤٨٣ - ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>