للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا اتضح أن المنع من التوسل بغير أسماء الله تعالى وصفاته - هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأنهم اتفقوا في منع مثل "بحق أنبيائك ورسلك" بدون اختلاف فيما بينهم تبين كذب من زعم أن ابن تيمية هو الذي ابتدع منع التوسل بالذوات.

وأن العلماء مجمعون على جوازه، كما ادعى ذلك السبكي (١) والنبهاني (٢). والكوثري الذي قال: "وقد جرى عمل الأمة على التوسل والزيارة إلى أن ابتدع إنكار ذلك - الحراني فرد أهل العلم كيده في نحره … (٣).

ومن العجب العجاب أن الكوثري متفان في تقليد أبي حنيفة في الفروع والدفاع عنه ولو أدى ذلك إلى اتهام بعض الصحابة كما فعل مع أنس بن مالك (٤)، ومن هنا لقبه بعض أصدقائه بمجنون أبي حنيفة (٥).

ومع هذا كله يترك تقليد أبي حنيفة في الأصول كما هو شأن المقلدين المتأخرين، فهذه المسألة التي نحن بصددها خير شاهد على ما نقول.

فقد اتضح بدون أدنى شك أن مذهب أبي حنيفة المنع من التوسل البدعي، وهذا منقول عن أبي حنيفة في أغلب كتب علماء الحنفية. وقد تقدمت الإشارة في الحاشية إليها، ويبعد كل البعد ألا يطلع الكوثري على تلك الكتب الحنفية لأن المسألة مذكورة في أغلب كتبهم، والكوثري


(١) شفاء السقام: ١٧١.
(٢) شواهد الحق: ٥٤ - ٥٥، ونحو هؤلاء الداجوي فإنه ادعى الإجماع على ذلك أيضًا كما في إرشاد الناظر: ٢٣١.
(٣) المقالات للكوثري: ٣٩٧.
(٤) انظر التنكيل: ١/ ٦٥ وما بعدها.
(٥) بدع التفاسير: ١٧٩ الهامش، وانظر رسالة في الذب عن أبي الحسن الأشعري: ١٢٧ الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>