للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعموم الآية وأدركه المتأخرون؟

وقد ذكرنا فيما مضى أن الترك (١) الراتب مع وجود المقتضي وعدم المانع سنة متبعة كما قرره العلماء المحققون.

هـ - إن الوسيلة التي أمرنا بابتغائها من العبادات والطاعات بلا شك ولا ريب والعبادات مبناها على التوقيف، ولم يأت نص صحيح صريح في كون التوسل بالذوات من الطاعات التي يتقرب بها إلى الله تعالى فإذا لم يأت نص فهو من البدعة وليس من الطاعات التي شرع لنا التعبد بها والتي أمرنا بابتغاء الوسيلة إلى الله بها.

و- الآية تدل على عكس فهم هؤلاء، لأن فيها تقديم المعمول وهو يفيد الحصر فقد قدم الجار والمجرور وهو "إليه" على المتعلق به وهو "الوسيلة"، أي اطلبوا القربة إلى الله وحده لا إلى غيره، فالتوسل البدعي توجه إلى غير الله وتعليق للقلب بغير الله، وليس فيه حصر التوجه والتعلق على الله الذي تفيده الآية بتقديم الجار والمجرور، ويدل على أن التوسل البدعي ليس فيه حصر التوجه ما خافه الإمام النووي من التوسل بالأعمال الصالحة، فإنه ذكر حديث الغار وتوسل الثلاثة بأعمالهم وإن العلماء استحبوا لمن وقع في شدة أن يدعو بصالح عمله عملًا بحديث الغار، ثم قال : "وقد يقال في هذا شيء لأن فيه نوعًا من ترك الافتقار المطلق إلى الله تعالى، ومطلوب الدعاء الافتقار"، ثم أجاب عن الاستشكال بأن النبي صَوَّبَ أعمالهم فدل على جوازه (٢).

فإذا كان مثل النووي يخاف في التوسل المشروع عدم حصر الافتقار في الله تعالى، فكيف يكون الأمر في التوسل المبتدع؟ لا شك أن ترك الافتقار المطلق فيه أولى وأظهر.


(١) سبق ص: ٦٠٦.
(٢) الأذكار: ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>