للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا ثبت بهذا عرض الأعمال على الله كل خميس واثنين يكون القول بثبوت هذا العرض على النبي تشريكًا للمخلوق بالخالق، وتشبيهًا للمخلوق بالخالق، مع أن النبي نفسه في حياته كان يحب أن تعرض أعماله على الله وهو صائم فكيف يقال: إن الأعمال تعرض عليه ؟

وعلى هذا فيحتمل أن بعض الرواة جعل للنبي ما ورد في حق الله تعالى، ويقوى هذا الاحتمال ما تقدم من أن حديث ابن مسعود في عرض الأعمال على النبي قد ورد في لفظ بعرض الأعمال على الله، وإن كانت الرواية ضعيفة، لأن الحديث طرقه لا تخلو من ضعف فيمكن إعلال بعضها ببعض.

ب - إن النبي صلوات الله وسلامه عليه لما كان في الحياة الدنيوية لم يكن يعلم بأحوال من غاب عنه إلا عندما يوحى إليه.

وقد أمره الله تعالى أن يبين للناس أنه لا يعلم الغيب إلا في الأمور التي أوحى إليه فيها، وأما العلم بكل الأشياء من جميع المغيبات وجميع أحوال من غاب عنه من أصحابه - فهذا هو الذي أمره الله أن يبين للناس أنه لا يعلمه-، قال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ [الأعراف: ١٨٨].

والأحاديث الدالة على هذا كثيرة، منها قصة الإفك، فلم يعلم النبي براءة عائشة إلا بعد نزول القرآن، وقصة ضياع عقد عائشة حيث أمر بطلبه مع وجوده تحت البعير الذي تركبه عائشة (١).

والحاصل أنه إذا كان صلوات الله وسلامه عليه لا يعلم الغيب إلا ما


(١) البخاري: ١/ ٤٣١ رقم ٣٣٤، ومسلم: ١/ ٢٧٩ رقم ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>