للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علّمه الله في الدنيا، فكيف نقول بعلمه في البرزخ؟ إلا على قول الغلاة الذين قالوا: إن علم الله تعالى وعلم النبي ، متساويان، وأن آية سورة الأعراف الماضية إنما كانت في أول الأمر قبل أن يوحى إليه بجميع الغيب (١).

فعلى هذا القول فقط يمكن الادعاء، وبطلان هذا القول واضح لا شك فيه وكذلك ما يلزم منه هذا القول فهو باطل.

جـ - إن هذا الحديث يخالف الأحاديث الصحيحة الثابتة، منها حديث الحوض المتواتر حيث ورد فيه: "ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول أصحابي فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا لمن غير بعدي" (٢). وفي رواية أبي هريرة عند البخاري: "إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك" (٣).

فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على عدم علم النبي بما أحدثه هؤلاء بعده صلوات الله وسلامه عليه، فيناقض حديث عرض الأعمال


(١) انظر ما ادعاه الصاوي على الجلالين: ٢/ ٩٧، والبريلوية: ٨٧، وغاية الأماني: ١/ ٣٥.
(٢) البخاري: ١١/ ٤٦٤ رقم ٦٥٨٢، ومسلم: رقم ٢٣٠٤ من حديث أنس ومن حديث ابن مسعود، والبخاري: رقم ٦٥٧٦، ومسلم: رقم ٢٢٩٧، ومن حديث أبي سعيد، البخاري: رقم ٦٥٨٤، ومسلم: ٢٢٩١، ومن حديث أسماء بنت أبي بكر: البخاري: ٦٥٩٣، ومسلم: ٢٢٩٣، ومن حديث عائشة: مسلم: ٢٢٩٤، ومن حديث أم سلمة: مسلم: ٢٢٩٥، ومن حديث حذيفة: مسلم: ٢٢٩٧، فالحديث متواتر يفيد العلم القطعي كما صرح بذلك الحافظ في الفتح: ١١/ ٤٦٧، ومع هذا نازع الغماري في تواتره بل زعم أن حديث العرض أكثر منه ومع طريقًا لأنه على حد زعمه جاء من ٢٠ طريقًا ولم يستطع أن يذكر تلك الطرق بل أحال على أخيه في هذا الادعاء كما ادعى أن حديث الحوض يخالف الكتاب والسنة.
وهذا من الهوى والتعصب حيث وصل إلى حد يجعل الحديث المتواتر ضعيفًا والضعيف متواترًا.
(٣) البخاري: ١١/ ٤٦٤ رقم ٦٥٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>