للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومما يؤيد أثر عبدالله بن عبيد بن عمير رواية سيف بن عمر عن سهل بن يوسف السلمي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كان عام الرمادة في آخر سنة سبع عشرة وأول سنة ثماني عشرة، أصاب أهل المدينة وما حولها جوع فهلك كثير من الناس حتى جعلت الوحوش تأوي إلى الأنس، فكان الناس بذلك حتى أقبل بلال بن الحارث المزني فاستأذن على عمر فقال: أنا رسول رسول الله إليك، يقول لك رسول الله : "لقد عهدتك كيسًا وما زلت على ذلك فما شأنك؟ قال: متى رأيت هذا؟ قال: البارحة، فخرج فنادى في الناس الصلاة جامعة، فصلى بهم ركعتين ثم قام، فقال: أيها الناس أنشدكم الله هل تعلمون مني أمرًا غيره خير منه؟ فقالوا: اللهم لا، فقال: إن بلال بن الحارث يزعم ذية وذية. قالوا: صدق بلال فاستغث بالله ثم بالمسلمين … وأخرج الناس إلى الاستسقاء فخرج وخرج معه العباس بن عبد المطلب ماشيًا فخطب وأوجز وصلى ثم جثا لركبتيه وقال:

"اللهم إياك نعبد وإياك نستعين، اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا … " (١).

فهذا الأثر - وإن كان ضعيفًا لأن سيف بن عمر قال فيه الحافظ: ضعيف الحديث عمدة في التاريخ أفحش ابن حبان القول فيه (٢) -إلا أنه يدل على أن ما يتوهم من عبارة الحافظ في الفتح (٣) من أن الرجل الذي أتى القبر هو بلال بن الحارث المزني - كما رواه سيف في الفتوح - غير صحيح لأن الحافظ لم ينقل لنا لفظ الأثر عند سيف كما هو، وفي الحقيقة الأثر يدلّ بوضوح وجلاء على أن بلالًا لم يأت القبر وإنما رأى


(١) أخرجه الطبري: ٣/ ٩٨، في حوادث سنة ١٨، وذكره ابن كثير في البداية: ٧/ ٩٣.
(٢) التقريب: رقم ٢٧٢٤.
(٣) فتح الباري: ٢/ ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>