للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله ، وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسب سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة" (١).

وهذا الذي قاله الفاروق تبعه فيه كافة العلماء لم يخالف في ذلك منهم أحد، بل أجمع عليه العلماء من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل الاجتهاد الصحيح (٢).

قال ابن حجر الهيتمي الشافعي: "المدار في الحكم بالكفر على الظواهر، ولا نظر للمقصود والنيات ولا نظر لقرائن حاله" (٣).

ويدل لذلك الحديث المتفق عليه عن أم سلمة عن النبي : "إنما أنا بشر وأنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء، فلا يأخذ منه شيئًا فإنما أقطع له قطعة النار" (٤).

ط - إن العلماء لم يعذروا في الألفاظ الكفرية بالتورية ولا بالجهل إلا في بعض صور الجهل التام.

فقد قال العلماء: "لو نطق بكلمة الردة، وزعم أنه أضمر تورية كفر ظاهرًا وباطنًا" (٥). وعللوا عدم العذر بحصول التهاون منه (٦).

فالحكم إنما يتعلق بالتكلم بألفاظ الكفر فمن تلفظ بها فقد كفر ولا يقبل منه ما يدعيه من الجهل أو التأويل إلا في بعض الصور.


(١) البخاري مع الفتح: ٥/ ٢٥١ رقم ٢٦٤١.
(٢) مصرع التصوف: ٢٥٢.
(٣) الإعلام بقواطع الإسلام ص: ٨٢.
(٤) أخرجه البخاري: ٥/ ٢٨٨ رقم ٢٦٨٠، ومسلم: ٣/ ١٣٣٧ رقم ١٧١٣.
(٥) تنبيه الغبي: ٢٣، والزواجر عن اقتراف الكبائر: ١/ ٣٢، والإعلام بقواطع الإسلام ص: ١٩.
(٦) تنبيه الغبي: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>