(فأنزل اللَّه: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ}) استدل به على أن الحديث سبب لنزول هذِه الآية، وهذا قول ابن عباس وجماعة، وفي الآية أقاويل كثيرة غير هذا، موضعها كتب التفسير ({لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ} أي: لا تهتم لمسارعة اليهود بإظهار ما يلوح منهم من آثار الكفر، ومسارعتهم في الكفر وقوعهم وتهافتهم فيه ({فِي}) إظهار ({الْكُفْرِ})(إلى قوله تعالى: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا}) إشارة إلى التحميم والجلد في الزنا اللذين اجتمعوا على فعله، والفاعل المحذوف في {أُوتِيتُمْ} هو الرسول أي: إن أتاكم الرسول بهذا ({فَخُذُوهُ}) واعلموا أنه الحق واعملوا به ({وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ}) أي: وإن أتاكم محمد بخلافه ({فَاحْذَرُوا}) وإياكم من قبوله، فهو الباطل، وقيل: فاحذروا أن تسألوه بعد هذا، والظاهر الأول؛ لأنه مقابل لقوله:{فَخُذُوهُ} فالمعنئ: وإن لم تؤتوه وأتاكم بغيره فاحذروا قبوله.
(إلى قوله جل ثناؤه: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ}) سياق الآية أنه خطاب لليهود، وفيهم أنزلت، وليس في الإسلام منها شيء، وذهب ابن مسعود (١) وغيره إلى أنها عامة في اليهود وغيرهم، ولكن كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، فظلم المسلم ليس مثل ظلم الكافر، وكذا كفره وفسقه، واحتجت الخوارج بهذِه الآية على أن كل من عصى فهو كافر، وقالوا: هي نص في كل من حكم بغير ما أنزل اللَّه فهو كافر، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل اللَّه فوجب أن
(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٥٧، والواحدي في "الوسيط" ٢/ ١٩٢، وانظر: "زاد المسير" لابن الجوزي ١/ ٥٥٢، و"تفسير القرطبي" ٦/ ١٩٠.