للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسكون الباء فيهما، ويشبه أن يكون مع السكون ضم الكاف كما تقدم في "الكبر الكبر" والكبر بضم الكاف، وإسكان الباء جمع أكبر كحمر جمع أحمر، أو مصدر، أو مفرد بمعنى الأكبر (يريد) كبر (السن) أي: قدم للكلام قبلك من هو أكبر سنا منك، وفيه من الفقه أن المشتركين في طلب حق ينبغي لهم أن يقدموا للكلام واحدًا منهم، وأحقهم بذلك أسنهم، إذا كانت له أهلية القيام بذلك، وقدم السن لا يستحق التقديم به إلا من حيث القدم في الإسلام، والسبق إليه، وممارسة أحواله، والفقه فيه، ولو كان الشيخ عريا عن ذلك لاستحق التأخير، وقد قدم وفد على عمر بن عبد العزيز فتقدم شاب للكلام فقال له عمر: كبر كبر. فقال: يا أمير المؤمنين، لو كان الأمر بالسن لكان هنا من هو أولى بالخلافة منك. فقال: تكلم. فتكلم فأبلغ وأوجز.

(فتكلم حويصة) لكونه أكبر في السن بالوكالة عن عبد الرحمن؛ لأنه وأخاه كانا وكيلين (ثم تكلم محيصة) ليجلي الواقعة؛ لأنه كان حاضرًا (فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) بعد سماع المدعين (إما أن يدوا) بفتح المثناة تحت (صاحبكم) أي: يدفعوا (١) الدية عنه.

قال القرطبي: هذا الكلام من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على جهة التأنيس والتسلية لأولياء المقتول، وعلى جهة الإخبار بالحكم على تقدير ثبوت القتل عليهم، لا أن ذلك كان حكمًا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على اليهود في حال غيبتهم، فإنه بعد لم يسمع منهم، ولا حضروا حتى يسألهم؛ ولذلك كتب إليهم بعد أن صدر منهم ذلك القول، ثم إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد أن


(١) في (ل)، و (م) تدعوه. ولعل المثبت مراد المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>