للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وإنما بعثني (١) رحمة للعالمين) هو موافق لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} (٢).

(فاجعلهما (٣) عليهم صلاة يوم القيامة) والصلاة هنا بمعنى الرحمة كقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (٤)، فإن قيل: كيف يجوز أن يصدر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سب أو لعن لغير مستحقه وهو معصوم من مثل ذلك في الغضب والرضا، فالجواب: أن هذا أشكل على العلماء وراموا التخلص من ذلك بأوجه، أصحها وجه واحد، وهو أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما يغضب لما يرى من المغضوب عليه من مخالفة الشرع، فغضبه للَّه تعالى، لا لنفسه ولا ينتقم لها، وقد تقرر عند أهل الأصول أن الظاهر من غضبه تحريم الفعل المغضوب من أجله، وعلى هذا فيجوز له أن يؤدب المخالف بالسب واللعن والدعاء عليه بالمكروه، وذلك بحسب مخالفة المخالف، غير أن ذلك المخالف قد يكون ما صدر منه فلتة أوجبتها غفلة أو غلبة نفس أو شيطان، وله فيما بينه وبين اللَّه عمل خالص وحال صادق، يرفع اللَّه بسبب ذلك أثر ما صدر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من القول أو الفعل، وعبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه بقوله: "فأيما رجل من أمتي سببته أو لعنته أو دعوت عليه بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورًا" (٥).


(١) بعدها في (ل)، (م): نسخة: بعثتني.
(٢) الأنبياء: ١٠٧.
(٣) بعدها في (ل): نسخة: فاجعلها.
(٤) البقرة: ١٥٧.
(٥) رواه مسلم (٢٦٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>