للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تواضع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بتقطيعه اللحم وقسمته على المستحقين. ويدل على أن قسمة اللحم وتفريقه بين أهله ليس فيه دناءة، بل من عظم المروءة.

(إذ أقبلت امرأة) تمشي (حتى دنت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبسط لها رداءه) فيه أنه يستحب إكرام القادم عليه، لاسيما إن كان ممن له حق قديم عليه، ولو من رضاعة أو صلة، والإكرام أنواع كالقيام له، والترحب به، وبسط شيء له يجلس عليه أو شيء يتكئ عليه وإطعامه وغير ذلك.

(فجلست عليه) فيه أن القادم يقبل ما أكرم به، وإن كان حسن الأدب تركه. وقد اختلف العلماء في أمتثال الأمر وسلوك الأدب، أيهما أولى؟ وفي جلوسها على ردائه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أمرها بالجلوس عليه ترجيح لامتثال الأمر، والحامل لها على ذلك دلالتها (١) عليه، وحقها في إرضاعه له في ابتداء أمره بخلاف من ليست بينها (٢) وبينه قرابة ولا رضاع؛ لما روى الحاكم بإسناد صحيح عن أنس: دخل جرير بن عبد اللَّه على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخذ بردته، فألقاها إليه، فقال: "اجلس عليها يا جرير" فأخذها جرير فوضعها على وجهه، وجعل يقبلها ويبكي، ثم لفها ورمى بها إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: ما كنت لأجلس على بردتك، أكرمك اللَّه كما أكرمتني. فنظر عليه السلام يمينًا وشمالًا، ثم قال: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" الحديث أصله في الحاكم لا لفظه (٣). فجرير امتثل


(١) في (ل)، (م): الوضاح. هو خطأ، انظر: "تهذيب الكمال" ١٣/ ٢٨١.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) "المستدرك" ٤/ ٢٩١ - ٢٩٢ من حديث جابر بن عبد اللَّه، لا أنس والحديث رواه ابن ماجه (٣٧١٢)، والبزار في "البحر الزخار" ١٢/ ١٨٨ (٥٨٤٦)، والقضاعي في "مسند الشهاب" ١/ ٤٤٤ (٧٦١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٨/ ٢٩١ من حديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>