للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان عمر - رضي الله عنه - ممن بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعيًا كما دل عليه الحديث. وفيه دليل على أن عمل الساعي سبب لاستحقاقه، كما أن وصف الفقر والمسكنة (١) هو سبب ذلك، وإذا كان العمل هو السبب اقتضى قياس قواعد الشرع أن المأخوذ في مقابلته أجرة، فلذلك لاحظ الأصحاب تبعًا لإمامهم فيه أجرة المثل، وقالوا: الإمام عند بعث العامل إن شاء استأجره بقدر معلوم على عمل معلوم بأجرة المثل، وجعل محلها سهم العاملين أو بيت المال، وإن شاء لم يعقد الإجارة، وجعل ذلك جعالة، فإذا عمل استحق المسمى من (٢) الجهة التي عينت له، فإن كان قد سمى له أكثر من أجرة المثل فتفسد التّسمية من أصلها، أو يكون قدر أجرة المثل من الزكاة، وما زاد من خالص (٣) مال الإمام، فيه وجهان: قال الماوردي وغيره: ولو أرسل الساعي من غير إجارة ولا جعالة واستعمله فله أجرة المثل (٤) ولم [يخرج ذلك] (٥) الخلاف في الغسال ونحوه، لأجل جعل الله سبحانه للعاملين نصيبًا من ذلك آكد من جعل المخلوقين له ذلك.

نعم، ولو عمل على أنه لا يأخذ شيئًا فقاعدتنا تقتضي أنه لا يستحق شيئًا لتبرعه بعمله. وقد جاء في هذا الحديث في قوله: (فقال لي (٦) رسول


(١) في (م): المسألة.
(٢) في (م): عن.
(٣) سقط من (م).
(٤) "الحاوي الكبير" للماوردي ٨/ ٤٩٦.
(٥) في (م): يحرم ذلك على.
(٦) سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>