للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويصغي إليه (يا رسول الله) والله (إنهم ليتحدثون) بذلك، يعني: الرجال (وإنهن) يعني: النساء (ليتحدثنه) أي: ليتحدثن به، أخبر - صلى الله عليه وسلم - بوقوع ذلك من الرجال والنساء ليعلم ما يتعلق به من الثواب والعقاب؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل عن هذا السؤال إلا لإظهار فائدة شرعية.

(فقال: هل تدرون ما مثل ذلك؟ ) فقالوا: لا يا رسول الله (فقال: إنما مثل ذلك مثل) بفتح الميم والثاء وبكسر الميم وسكون الثاء شَبَه وشِبْه، فيه ضرب الأمثال والمقصود منها أنها تؤثر في القلوب ولا يؤثر وصف الشيء في نفسه، وذلك لأن الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد، فيتأكد الوقوف على ماهيته ويصير الحس مطابقًا للعقل، وذلك هو النهاية في الإيضاح، ألا ترى أن التنفير إذا وقع عن ذكر ما يقع بين الزوجين في الخلوة مجردًا عن ضرب مثال لم يتأكد وقوعه كما إذا شبه بالشيطانة والشيطان في السكة يقضي بها حاجته، ولهذا أكثر الله تعالى ورسوله في كتبه المنزلة وعلى ألسنة أنبيائه من ذكر الأمثال (شيطانة لقيت شيطانًا) استشهد بالشيطان لأن الحامل على التحدث به الشيطان، ويحتمل أن هذا فعل الشيطان والشيطانة يفعلان حقيقة في الطريق فشبه فعله بفعلهما (في السكة) جمعها سكك وهي الطرق والأزقة وأصلها النخل المصطفة ثم شبهت السكك بالطرق لاصطفاف المنازل بجانبيها (فقضى منها حاجته) في الطريق (والناس) المارون بالطريق (ينظرون إليه) ومقصود الحديث أن الرجل له مع أهله خلوة وحالة يقبح ذكرها والتحدث بها، ويلزم من كشفها عار عند أهل المروءة والحياء؛ فإن تكلم بشيء من ذلك وأبداه كان مثل كشف عورة

<<  <  ج: ص:  >  >>