حكم الهجرة باقٍ من سائر بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، ويسمى الخروج لطلب العلم هجرة (إلى) طاعة (الله) وإلى عبادة الله (و) طاعة (رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهجرته إلى الله ورسوله) هذِه الجملة جواب الشرط المذكور قبله وهو (من) وظاهره اتحاد الشرط مع الجزاء، وذكروا تخريجه من وجوه:
أحدها: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدًا فهجرته إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا وهو جنس باعتبار السياق، فإنه في الاعتبار بالنية، لكن يضعفه في جهة العربية أن الحال المثبتة لا تحذف بلا دليل، ولهذا منع بعضهم تعلق الباء في بسم الله بحال محذوفة أي: أبتدئ متبركًا، قال: لأن حذف الحال في نحو ذلك لا يجوز.
ولقائل أن يقول: إن الحذف هنا لم يقع إلا لدليل من السياق كما تقدم فإن تقريره: فمن كانت هجرته خالصة لله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله مقبولة، وهو أحسن من الأول باعتبار جعل التقييد في متعلق الجار، فاستغني عن حذف الحال وجعله في الثاني المحذوف خبرًا لمبتدأ وهو كثير، وتعبيره فيه بالقبول أخص من تقدير حكمًا وشرعًا؛ إذ كل مقبول هو شرعي، ولا ينعكس إلا أن فيه ضعفًا من جهة حذف الكون الخاص من غير دليل، وهو خالصة، وأما تعبيره إلى باللام فلا حاجة إليه؛ فإنه يقال: خلص إليه إذا وصل إليه.
ثالثها: أنه على إقامة السبب مقام المسبب، أي: استحق الثواب العظيم المستحق للمهاجر إلى الله ورسوله، وإنما أعاد المجرور ظاهرًا لا مضمرًا؛ إذ لم يقل: فهجرته إليهما، ولا ذكره بلفظ الموصول كما في الذي بعده لقصد الاستلذاذ والتبرك بذكر الله ورسوله بخلاف الدنيا والمرأة؛ فإن الإبهام والإخفاء فيهما أولى، وأيضًا فيخلص من جمع