للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أسباط، عن السدي أنَّه قال في قوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (١)، قال: غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقام خطيبًا فقال: "سلوني فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به". فقام إليه رجل يقال له: ابن حذافة. فقال: من أبي؟ فقال: "حذافة". فقام إليه عمر ابن الخطاب فقبل رجله، وقال: رضينا بالله ربّا، وبك نبيّا، وبالإِسلام دينًا، وبالقرآن إمامًا، فاعف عنا عفا الله عنك، فلم يزل به حتى رضي (٢). ولعل المراد بالرضا ترك المنازعة والسخط فيما أمرهم من ترك السؤال كما في قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (٣) أي: حتى يرضوا بما قضيت عليهم ولا تضيق صدورهم بما قضيت به وأمرت.

(نعوذ بالله تعالى من غضب الله وغضب رسوله، فلم يزل عمر يرددها) أي: يردد هذِه المقالة (حتى سكن من غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قيل: هو من باب القلب المستعمل أي: حتى سكن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غضبه نحو: أدخلت فمي في الحجر تقديره: أدخلت الحجر في فمي، وقيل: لا ينبغي هذا؛ لأنه من القلب وهو لم يقع إلا في قليل من الكلام، وقرأ معاوية بن قرة: (ولما سكن عن موسى الغضب) (٤)، وعلى القراءة المشهورة فسكوت الغضب كناية. شبه جمود الغضب بانقطاع كلام المتكلم وهو سكوته.


(١) المائدة: ١٠١.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١١/ ١٠٢، وابن أبي حاتم في "التفسير" ٤/ ١٢١٩ بإسنادهما عن السدي، وأخرج نحوه البخاري (٥٤٠)، ومسلم (٢٣٥٩).
(٣) النساء: ٦٥.
(٤) انظر: "مختصر في شواذ القراءة" ص ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>