للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فقال: ) الرجل (يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر).

قال المنذري: يحتمل أن يكون ذلك على وجه الدعاء عليه كراهة لصنيعه وزجرًا عن ذلك. قيل (لا) فيهما بمعنى ما، كقوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (١)، فعلى هذا فيه دليل على أن "لا" تدخل على الماضي كقول الراجز:

إن تغفر اللهم تغفر جمّا

وأي عبد لك لا ألما (٢)

وقيل: معناه: لم يصم ولم يفطر كما. (قال) أي: (مسدد: ) في روايته (لم يصم ولم يفطر، أو: ما صام ولا أفطر) وعلى هذا هو خبر معناه: أنَّه (٣) لم يأت بشيء؛ لأنَّ من سرد الصوم صار عادة ولم يجد له مشقة فيعود النهار في حقه كالليل في حق غيره، فكأنه ما صام إذ لم يجد ما يجده الصائم، ولا أفطر لوجود صورة الصوم، وقيل: ليس هو خبرًا (٤) عنه، بل دعاء عليه وعلى من صام الأبد، [ويا ويح] (٥) من دعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - (شك غيلان) الراوي.

وإلى كراهة صوم الدهر مطلقًا ذهب إسحاق وأهل الظاهر، وهي رواية عن أحمد، وشذ ابن حزم فحرمه (٦) وروى ابن أبي شيبة بإسناد


(١) القيامة: ٣١.
(٢) هو من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه الترمذي (٣٢٨٤)، وقال: حسن صحيح غريب.
(٣) زيادة من (ل).
(٤) في الأصلين: خبر. والجادة ما أثبتناه.
(٥) في (ر): وما ربح.
(٦) انظر: "المحلى" ٤/ ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>