للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القرطبي: وهذا لأن أعمال البر كلها لا متمكن منها إلا بالسلامة من العدو والتحرز منهم بحراسة بيضة الدين وإقامة شعائر الإسلام (١).

(ويُؤَمَّن) بضم الياء، وتشديد الميم المفتوحة، ويجوز تخفيفها، أي: يرزقه الله الأمن (من فَتَّاني (٢) القبر) تثنية فتان بفتح الفاء وتشديد المثناة مبالغة في الفاتن، والمراد بهما هنا منكر ونكير سميا بذلك؛ لأنه يفتتن بهما، أي: يختبر بسؤالهما الميت ليظهر الكافر من المؤمن للملائكة، فيثبت الله المؤمن ويلقنه كلمة الحق عند السؤال في القبر، ويضل الكافر عن كلمة الحق فيقول: لا أدري. فنسأل الله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

وفي هذا الحديث دليل على أن الرباط أفضل الأعمال التي يبقى ثوابها بعد الموت، لكن هذا العمل الذي يجري عليه ثوابه إلى يوم القيامة هو ما كان يعمله من الأعمال الصالحة، لما رواه ابن ماجه (٣) بإسناد صحيح عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من مات مرابطًا في سبيل الله أجري عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان، وبعثه الله يوم القيامة آمنًا من الفزع". ورواه الطبراني في "الأوسط" (٤) وزاد فيه: "وقيل له: قف اشفع إلى أن يفرغ من الحساب".


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ٤/ ٣٢٥.
(٢) ورد بعدها في الأصلين: نسخة: فتان.
(٣) "سنن ابن ماجه" (٢٧٦٧).
(٤) "المعجم الأوسط" (٣٢٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>