للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى هذا فالمراد بالظل نعيم جنة الفردوس، كما قال تعالى: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} (١) (فلما وجدوا طيب مأكلهم) بإسكان الهمزة، مفرد في معنى الجمع (و) كذا (مشربهم) ولو قرئت مآكلهم بمد الهمزة على أنه جمع لجاز إلا أن الإفراد هو المناسب لمشربهم (ومَقِيلهم) بكسر القاف بعده تحتانية أي في موضع راحتهم شبه بالراحة التي يستريحها الإنسان في الدنيا وقت القائلة (قالوا: من يبلغ إخواننا) يعني: الذين في الدنيا (عنا) أي: عن حالنا الذي نحن فيه، وما أعطانا الله على الجهاد في سبيله، وهو (ألا أحياءٌ) فيه دليل على أن الشهداء حياتهم حياة حقيقية، بدليل قوله بعد ذلك في الجنة نُرزَق (٢) ولا يرزق إلا حي، وهو نظير قوله تعالى: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (٣)، وقيل: لأن أرواحهم تركع وتسجد تحت العرش إلى يوم القيامة كأرواح الأحياء الذين باتوا على وضوء، ولكون الشهيد حيًّا حكمًا لا يصلى عليه كالحي حسًّا.

وسبب تمني الشهداء أن يعلم إخوانهم حياتهم ورزقهم وما أعطاهم الله؛ (لئلا يزهدوا في الجهاد) قال الجوهري (٤): الزهد خلاف الرغبة يقول: زهدت في الشيء وعن الشيء إذا لم ترغب فيه (ولا ينكلوا) قال الجوهري (٥): ينكُلوا، بضم الكاف، يقال: نكل عن العدو وعن


(١) النساء: ٥٧.
(٢) في (ل)، (ر): يرزقون. والمثبت من "سنن أبي داود".
(٣) آل عمران: ١٦٩.
(٤) "الصحاح" ٢/ ٤٣.
(٥) "الصحاح" ٥/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>