للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نسب الغدر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما لو نسبه للمباشرين لقتله، بحيث يقول: إنهم أمنوه ثم غدروه لكانت هذِه النسبة كذبًا محضًا؛ لأنه ليس في كلامهم أنهم أمنوه.

(فقام محمد بن مسلمة) بن خالد الأوسي البدري (فقال: أنا يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ ) محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - معه للفعل كالأمر به، بل هو أبلغ وأصرح (قال: نعم، قال: فأذن لي أن أقول شيئًا) يعني أن أقول عني وعنك ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره (قال: نعم) قال النووي (١): وفيه دليل على جواز التعريض وهو أن يأتي بكلام باطنه صحيح ويفهم منه المخاطب غير ذلك، وهذا جائز في الحرب والإصلاح بين الناس وغير ذلك ما لم يضيع به حقًّا شرعيًّا.

(فأتاه فقال: إن هذا الرجل) ولم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يترتب عليه من المصلحة (قد سألنا الصدقة) يعني: الصدقة الواجبة (وقد عنَّانا) بتشديد النون الأولى، أي: ألزمنا العناء وكلفنا ما يشق علينا ونتكلف له، وهذا من التعريض الجائز، بل المستحب؛ لأن معناه في الباطن أنه أدبنا بآداب الشرع التي فيها تعب، لكنه تعب في مرضاة الله تعالى، فهو محبوب لنا، والذي فهمه المخاطب فهم العناء ليس بمحبوب، وأنه ليس محققًا ولا مخلصًا في اتباع النبي، وليس فيه أمان له (قال) كعب: (وأيضَا لَتَمَلُّنَّه) بفتح التاء والميم [وضم اللام] (٢) أي: لتضجرن منه أكثر من هذا الضجر، أي: بعد ذلك، قال ذلك لما فهم من


(١) "شرح النووي على مسلم" ١٢/ ١٦١.
(٢) ساقطة من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>