للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذكاته ذكاة أمه".

(ذكاة أمه) بالرفع ويجوز النصب (١) كما سيأتي في الحديث بعده، وفي هذا الحديث حجة للشافعي ومالك وأحمد والجمهور على أن من ذبح شاة أو بقرة أو نحر ناقة فوجد في بطنها جنينًا ميتًا فإنه يحل أكله ولم يحرم. ووجه الدليل منه أنه حلل جواز الأكل الذي سئل عنه بأن ذكاة الأم تتنزل منزلة ذكاة الجنين في كل أكلة حكمًا لا جنسا ويقوم مقامه فلا يحتاج إلى ذبحه؛ لأن الجنين متصل بها في حالة الذبح لأنه داخل جوفها، واتصاله بها اتصال خلقة يتغذى بغذائها فتكون ذكاته ذكاتها؛ لأنه تابع لها كما تتبعها أعضاؤها (٢).


(١) قال الزرقاني في شرحه على "الموطأ" ٣/ ١١١: وهو برفع ذكاة في الموضعين مبتدأ وخبر أي ذكاة أمه ذكاة له وروي بالنصب على الظرفية كجئت طلوع الشمس أي: وقت طلوعها أي ذكاته حاصلة وقت ذكاة أمه قال الخطابي وغيره: ورواية الرفع هي المحفوظة.
وقال ابن الأثير في "النهاية" ٢/ ٤١١: ويُرْوى هذا الحديث بالرفعِ والنصبِ فمن رَفَعَه جَعَلَه خَبَرَ المبتدأ الذي هو ذكاةُ الجَنينِ فتكونُ ذكاةُ الأم هي ذكاةُ الجَنين فلا يحتاجُ إلى ذبْحِ مُسْتَأنَفِ ومن نَصَبَ كان التقديرُ ذكاةُ الجنين كذكاةِ أُمِّه فلما حُذِفَ الجازُ نُصِبَ أو على تقدير يُذكَّى تَذْكِيَة مِثل ذكاةِ أمه فحذَفَ المصدر وصفَتَه وأقامَ المضاف إليه مُقامه. ومنهم مَن يَرْوِيه بنصب الذَّكاتَين: أي ذكُّوا الجنين ذكاةَ أُمّه. لكن قال ابن "القيم في حاشيته على "السنن": وقوله في بعض ألفاظه فإن ذكاته ذكاة أمه مما يبطل تأويل من رواه بالنصب وقال ذكاة الجنين كذكاة أمه. انتهى. لكن قدره ابن مالك في رواية النصب ذكاة الجنين في ذكاة أمه وهو الموافق لرواية الرفع المشهورة.
(٢) انظر: "شرح السنة" ١١/ ٢٢٩ واختلاف العلماء لابن هبيرة ٢/ ٣٥٣، "الإجماع" لابن المنذر (١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>