للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: إلى فمها، وخص الزوجة بالذكر دون سائر من ينفق عليه لعود نفقتها الدائمة إليه التي هي سبب إنفاقه فالغالب من الناس ينفق على زوجته لقضاء وطره وتحصيل شهوته، وليس كذلك النفقة على الأبوين، وإنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد هذا الكلام في مرضه تنبيهًا على الفوائد التي تحصل بالمال الذي يخلفه لهم؛ إذ فيه صلة رحمه من بعده وإعانتهم بماله على طاعة الله فهو خير من أن يذرهم فقراء يتكففون الناس، وهذا يدل على فضل تكسب المال لهذِه الوجوه، ولكن كل هذا إذا كان الكسب حلالًا خاليًا عن الشبهة التي تعذر الوصول إليها في هذِه الأوقات (١) (قلت: يا رسول الله أتخلف) حذف منه همزة الاستفهام أي: أأتخلف (عن هجرتي؟ ) خشي أن يقدح موته بمكة في هجرته التي هاجرها من مكة وعاد إليها أو في ثوابها هل يسقط بموته في مكة؟ وقد كانوا يكرهون الرجوع (٢) فيما تركوه لله تعالى، ويدل للأول رواية الصحيحين: وكان يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها وزعم عبد الحق أنها من أفراد مسلم، بل هي في البخاري في الوصايا (٣).

(قال: إنك إن) بفتح الهمزة وكسرها (تخلف بعدي فتعمل عملاً) صالحًا (تريد به وجه الله) تعالى (لا تزداد به) عند الله (إلا رفعة ودرجة لعلك أن تخلف) المراد بالتخلف هنا: طول العمر والبقاء (٤) ففيه التنبيه


(١) "المفهم" للقرطبي ٤/ ٥٤٦.
(٢) في (ر) الركوع.
(٣) "صحيح البخاري" (٢٧٤٢).
(٤) انظر: "عمدة القاري" ١٢/ ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>