للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمجرور عن الفاعل؛ لتقدمه على المفعول به وهو: الحديد وما عطف عليه، كما قال الشاعر:

لم يُعْنَ بالعلياءِ إلا سيِّدا ... ولا شفى ذا الغي إلا ذو هدى

فأقام بالعلياء مقام الفاعل؛ لتقدمه على سيد المفعول وخالف في مثل قراءة أبي جعفر {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (١) لتأخر {بِمَا كَانُوا} عن المفعول" (٢). وفيه دليل على أن الشهيد ينزع عنه ما كان عليه من السلاح والجلود وتدفن ثيابه كما تقدم.

(وأن يدفنوا بدمائهم) الحاصلة من جراحاتهم، فلا تغسل؛ لأنها تشهد لهم يوم القيامة، ويكون لونها لون الدم وريحها ريح المسك، خلافًا لما تقدم عن الحسن وسعيد بن المسيب. (وثيابهم) استدل به مالك على أن الشهيد يدفن بجميع ثيابه التي كانت عليه؛ لأن اللفظ عام في الكل؛ إذ الإضافة تفيد العموم.

وقال الشافعي وأحمد ومالك (٣): لا يترك عليه خف ولا فرو ولا جلد ولا محشو قياسًا على الجلود المذكورة؛ فإنَ ما في معناه يقاس عليه ويكون الجلود مخصصة لعموم قوله: "في ثيابهم". والأخذ بالخاص أولى (٤).


(١) الجاثية: ١٤.
(٢) انظر: "شرح ابن عقيل" ٢/ ١٢١ - ١٢٣.
(٣) هكذا في الأصل والصواب: (أبو حنيفة) كما في "المغني".
(٤) انظر: "المغني" ٢/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>