للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: تَنحَّ عنها حَتَى أُرِيَكَ) معناهُ: أعلمك، ومنه قوله تعَالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} (١) فهو من الرؤية بمعنى (٢) العلم، فيتعدى إلى مفعولين والمفعول الثاني في الحديث محذوف، أي: أريك السلخ المشروع، وفيه فَضيلة تعليم الجَاهِل إذا رَآهُ يَفعل ما لا يُحسنُهُ، وإن لم يسأل وفيه التعليم بالفعْل؛ إذ هو أبلغ من القول.

(فَأَدْخَلَ يَدَهُ) الكريمة (بَيْنَ الجِلْدِ وَاللَّحْمِ، فَدَحَسَ) بفتح الحَاء والسِّين المهملتَين، أي: دَسَّ يده بين الجلد واللحم بذراعها كما يفعل السَّلاخ، وكل شيء ملأتَه فقد دَحَسْتَهُ، والدحْس والدس متقاربَان، ومنهُ حَديث عطاء: حق على الناس أن يَدْحسُوا الصُّفُوفَ (٣). أي: يزدحموا فيها ويدُسُّوا أنفسهم بين فرجها ويروى بالخاء المعجمة، وهو بمعناهُ.

(بِها حَتَى تَوَارَتْ) بين الجلد واللحْم (إِلَى الإِبْطِ) فيه دَليل على فضيلَة سَلخ الجلد عن اللحم بإدخَال اليَد بيَنهما قليلًا قليلًا إلى أن يدخل إلى الإبط على السلخ بالسكين؛ لأنهُ أسرع وأنظف لِلَّحم هازالة الزهُومَة وكلاهما جَائزٌ، إلا أنَّ هذا محمول على أن الغُلام كانَ لا يُحسن السَّلخ بالسكين، ويبقي على الجلد شَيء من اللحم.

وهذا السَّلخ إنما يتَأتى غَالبًا في الصَّغير أما الكبير فلا يصلح فيه السلخ بإدْخَال اليَد، وفي الحَديث دلالة على ما نقلهُ النووي في "شرح


(١) البقرة: ١٢٨.
(٢) سقطت من (ص، س، ل).
(٣) رواه الخطابي في "غريب الحديث" ١/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>