للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متحركًا أو ساكنًا، وهما أمران حادثان، وما يتصف بالحوادث حادث (١)، ولما صدق قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٢) إذ كانت تماثله الكائنات في أحكامها والممكنات في إمكانها، وإذا ثبت ذلك ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أطلقه على الله تعالى بالتوسع والمجاز لضرورة إفهام المخاطبة القاصرة الفهم الناشئة في قومٍ معبوداتهُم في بيوتهم، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلبها أن يتعرف منها هل هي من يعتقد أن معبودها في بيت الأصنام أم لا؟ . فقال لها: أين الله؟ (قالت: في السماء) كأنها (٣) قالت: إن الله ليس من جنس ما يعبد في الأرض.

ثم اعلم أنه لا خلاف بين المسلمين قاطبةً محدثهم (٤) وفقيههم (٥)


(١) هذا الكلام مبني على طرق المتكلمين الفاسدة، والتي تتيح لهم صرف معاني القرآن وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حقيقتها، وهذه العقليات -التي قد تختلف في حكمها على الأشياء من شخص لآخر- لا يتوقف عليها صحة اعتقاد؛ بل الفيصل في ذلك الوحي، ثم فهم السلف لهذا الوحي، من دون إعمال لفلسفات جعلت شبهة التركيب والتجسيم والحوادث طريقا لنفي صفات الرب عَزَّ وَجَلَّ.
ونحن ننزه الله سبحانه وتعالى عن صفات المخلوقين وأيضًا نثبت له سبحانه ما أثبته لنفسه ونؤمن بما أخبرنا به نبينا - صلى الله عليه وسلم - من صفاته دون تأويل أو تعطيل أو تشبيه أو تفويض أو تكييف، فالمعنى معلوم والكيف مجهول، ولو كانت مفاهيم التأويل صحيحة لسبقنا إليها الصحابة وسلف الأمة، ولما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيانها، أما وقد انقطع الوحي فلا مجال إلا بالتمسك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة عقيدة وفقها وعملاً، وعلى المسلم الثقة المطلقة في ذلك والابتعاد عن طرق أهل البدع.
(٢) سورة الشورى: ١١.
(٣) في (ر): لأنها.
(٤) في (ل) و (ر): متحدثهم. والمثبت من (ع).
(٥) في (ر): وفقيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>