للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونظير الوجهين في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١). وسمي عقد البيع صفقة؛ لأنهما كانا إذا تبايعا يصفق أحدهما على يد الآخر.

واعلم أن هذِه تدل على ما تقدم عن النووي: أن رواية (أو يقول) بالنصب بتقدير: إلا أن يقول. وفيه رد لما تقدم أن الاستثناء هنا لا يستقيم، ورواية البخاري: "أو يكون بيع خيار" (٢)، والمعنى: أن المتبايعين إذا قال أحدهما لصاحبه: اختر إمضاء البيع أو فسخه. فاختار إمضاء البيع مثلًا أن البيع يتم وإن لم يتفرقا. وبهذا قال النووي (٣) والأوزاعي والشافعي وإسحاق وآخرون.

وقال أحمد: لا يتم البيع حتى يتفرقا، وقيل: إنه تفرد بذلك، وقيل: المعني بقوله (أو يكون بيع خيار) أي: يشترط الخيار مطلقًا فلا يبطل بالتفرق (٤).

(ولا يحل له) أي: لأحد من المتبايعين (أن يفارق صاحبه) يعني: الآخر الذي عاقده (خشية) منصوب على المفعول أي: لأجل (أن يستقيله) استدل به أحمد على إبطال الحيل، وهو: أن يقصد بالمفارقة إبطال حق أخيه من الخيار، ولم توضع المفارقة لذلك، إنما وضعت؛ ليذهب كل واحد منهما في حاجته ومصلحته، أو يطلب منه الإقالة في العقد.


(١) النساء: ٢٩.
(٢) (٢٠٠٣).
(٣) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٠/ ١٧٥.
(٤) انظر: "فتح الباري" ٤/ ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>