(وهو إن كان منه تعليلا، فسنبين الآن أنه حديث ضعيف، وإن كان منه تعليلا فسنبين أنه ليس بعلة في الحقيقة، ونذكر ما هو العلة، فنقول: هذا الحديث ذكره أبو داود، ولم يسق لفظا سواه، وإنما ركب عليه طريقا آخر، وقال بمعناه، ولم يذكر متنه، والخبر المذكور باللفظ، هو من رواية عمرو بن عمير، عن أبي هريرة. يرويه عن عمرو بن عمير القاسم بن عباس، ورواه عن القاسم: ابن أبي ذئب. وعمرو بن عمير هذا مجهول الحال، لا يعرف بغير هذا، وبهذا الحديث، من غير مزيد، ذكره ابن أبي حاتم، فهذه علة هذا الخبر. فأما الاختلاف الذي قال أبو محمد، فإنه وضعه في غير موضعه، وليس هو في هذا الإسناد، إنما هناك لحديث أبي هريرة في الغسل من غسل الميت طريقان مشهوران: أحدهما طريق أبي صالح عن أبي هريرة؛ فيه بينهم اختلاف سهيل بن أبي صالح، منهم من يقول فيه: عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، ومنهم من يقول: عن سهيل، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة، ومنهم من يقفه بهذا الطريق على أبي هريرة، ومنهم من يقفه عليه أيضا، ولكنه يقول: عن سهيل، عن إسحاق، عن أبي هريرة، ولا يذكر أبا صالح، قال الدارقطني- لما ذكر هذا الاختلاف-: "يُشبه أن يكون سهيل كان يضطرب فيه". وأما الطريق الآخر فمن رواية أبي سلمة عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ، ومن تبع جنازة، فلا يجلس حتى توضع، رواه قوم عن أبي سلمة هكذا، ورواه قوم عنه، فوقفوه على أبي هريرة، وقد روى من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وليس ذلك بمعروف، وروي أيضًا عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهو أيضًا كذلك غير معروف، والمقصود أن رواية عمرو بن عمير ليس فيها اختلاف، ولا هو علة لها، وإنما علتها الجهل بحال عمرو بن عمير، فلو عرفت حاله لم تكن كثرة الرواة عن أبي هريرة مرفوعًا وموقوفا ضار لها، فاعلم ذلك". اهـ - بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث أعلها بما ليس بعلة، وترك ذكر عللها (١/ ل: ٢٠٦. أ ..).