إن الإنسان إذا أقدم على تصنيف كتاب في موضوع ما، واعتنى به مراجعة وضبطا وتنقيحا، فإن من يأتي بعده ويطلع عليه لابد أن يجد فيه مجالا للتعقيب والمؤاخذة، وهذا شيء لا مندوحة منه، لأن البشر من طبيعته النقصان، فما بالك بمؤلف:"بغية النقاد" الذي توفي صاحبه قبل أن يخرجه من مبيضته، لهذا لا يستغرب ما يمكن أن يلاحظ من أول وهلة من تداخل بعض الأبواب والفصول، أو وضع حديث في غير موضعه من الكتاب، وابن المواق دقيق الملاحظة لذا فإنه يمكن الجزم بأنه لو أطال الله في عمره حتى أتم كتابه مراجعة وتنقيحا لكان في صورة أفضل من هذه بكثير، فسبحان من بيده الأمر من قبل ومن بعد.
وبالرجوع إلى هذا القسم الموجود من بغية النقاد في وضعه الحالي يلاحظ أنه يحتاج إلى مزيد تنقيح وترتيب ومراجعة؛ كما أنه لا يخلو من أماكن هى في حاجة إلى التعقيب العلمي؛ سواء فيما تعقب هو، أو فيما لم ينتبه إليه من أوهام أو إيهامات إما لعبد الحق الإشبيلي، أو لإبن القطان الفاسي.
وقد قمت بالتعقيب على ما يحتاج لذلك في موضعه من التحقيق، ولكن هذا لا يمنع من ذكر بعض هذه النماذج:
من أوهام ابن المواق في تعقيباته على شيخه ابن القطان:
لما ذكر عبد الحق الإشبيلي حديث أبي حمزة (١) أنه قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل نسي الأذان والإقامة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله تجاوز عن أمتي السهو في الصلاة.
وذكر أنه من رواية هشام بن خالد. تعقبه ابن القطان، فبين وهمه فيه بقوله: