للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد كان كتاب الأحكام مطمحا لكل عالم أو متعلم حتى انتشر بين جميع الناس، واستفاد منه المحدثون، والفقهاء، والتكلمون، والأصوليون، كل بدرجة معينة، ولذلك قال أبو الحسن بن القطان:

(لذلك لا تجد أحدا سعى إلى نوع من العلوم الشرعية إلا والكتاب الذكور عنده، أو نفس ٥ متعلقة به، قد حداهم حسن تأليفه إلى الإكباب عليه وإيثاره، وخاصة من لا يشارك في طلبه بشيء من النظر في علم الحديث؛ من فقهاء ومتكلمين وأصوليين، فإنهم الذين قد قنعوا به ولم يبتغوا سواه)). (١)

ولا ترجم الذهبي لعبد الحق الإشبيلي، قال بشأن كتب "الأحكام": (وسارت بـ"أحكامه الصغرى" و"الوسطى" الركبان. وله "أحكام كبرى" قيل هي بأسانيده، فالله أعلم). (٢)

وقد جرى عمل الفقهاء المتأخرين على عد الكتاب من وسائل وأدوات الإجتهاد؛ فمن ذلك أن قاضي الجماعة: ابن عبد السلام -شيخ ابن عرفة- في شرحه على "مختصر ابن الحاجب" قال: "ومواد الإجتهاد في زماننا أيسر منها في زمان التقدمين لو أرإد الله بنا الهداية، لأن كتب الأحاديث والتفاسير دونت، وكان الرجل يرحل في سماع الحديث الواحد".

ويعقب عليه ابن عرفة بقوله: (وما أشار إليه ابن عبد السلام من يسر الإجتهاد يساعد عليه مثل قراءة "الجزولية" في النحو، والكتب الفقهية، والإطلاع على أحاديث "الأحكام الكبرى" لعبد الحق، ونحو ذلك يكفي في تحصيل آلة الإجتهاد، مع الإطلاع على فهم مشكل اللغة بـ "مختصر العين" و"صحاح الجوهري" ونحو ذلك من غريب الحديث، سيما مع نظر ابن القطان، وتحقيقه


(١) بيان الوهم والايهام: (١/ ل: ٢. ب).
(٢) سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٩٨ ...
وهذا القول الذي حكاه الذهبي بصيغة التضعيف - بأن الأحكام الكبرى مروية بأسانيد عبد الحق، ضعيف حقا، بل ليس بصحيح على الإطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>