وباعتبار هذين القسمين من الأوهام والإيهامات سميته:(كتاب بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام).
والباب الذي لذكر الزيادة المفسرة أو الكملة هو باب يتسع ويكثر مضمنه، ولم نقصده بالجمع، فالذي ذكرنا فيه إنما هو التييسر ذكره، ولعلنا نعثر منه على الأكثر بعد إن شاء الله.
وقد كنت شرعت في باب أذكر فيه ما ترك ذكره من الأحاديث الصحاح الفيدة أحكاما لأفعال المكلفين -لست أعني ما ترك من حسن أو ضعيف، فإن هذا قد اعترف هو بالعجز عنه وهو فوق ما ذكر، بل من قسم الصحيح- فرأيته أمرا يكثر ويتعذر الإحاطة به، ورأيت منه كثيرا لا أشك في أنه تركه قصدا بعد العلم به والوقوف عليه، وعلمت ذلك؛ إما بأن رأيته قد كتبه في كتابه الكبير الذي يذكر فيه الأحاديث بإسنادها، الذي منه اختصر هذا، وإما بأن يكون مذكورا في باب واحد من مصنف، أو في حديث صحابي واحد من مسند مع ما ذكر هنا، فعلمت أنه ترك ذلك قصدا خطأ أو صوابا، فأعرضت عن هذا المعنى، وهو أيضا إذا تعرض له لا يصلح أن يكون باب من كتاب، بل ديوانا قائما بنفسه، يتجنب فيه ما ذكره هو فقط، وقد يظن ظان أن كتابنا هذا مقصور الإفادة على من له بكتاب أبي محمد عبد الحق اعتناء، فذلك الذي يستفيد منه إصلاح خلل، أو تنبيها على مغفل، وهذا الظن ممن يظنه خطأ.
بل لوكان كتابنا قائما بنفسه، غير مشير إلى كتاب أبي محمد المذكور كان بما فيه من التنبيه على نكت حديثية، خلت عنها وعن أمثالها الكتب، وتعريف برجال يعز وجودهم، ويتعذر الوقوف على المواضع التي استفدنا أحوالهم منها، وأحاديث أفدنا فوائد في متونها، أو في أسانيدها، وعلل نبهنا عليها، وأصول أشرنا إليها، أفيد كتاب وأعظم ثمرة تجتنى.
ومن له بهذا الشأن اعتناء يعرف صحة ما قلت: وقد كاد يكون مما لم نسبق إلى مثله في الصناعة الحديثية، وترتيب النظر فيها المستفاد، بطول البحث، وكثرة