كانت دولة المرابطين ترعى المذهب المالكي وتلتزم بفروعه الفقهية، في حين قامت دولة الموحدين على نبذ التقليد في الفقه والتوجه إلى الإجتهاد وأخذ الأحكام مباشرة من الكتاب والسنة، ومن ثمة كان للدولة الموحدية صلات وثيقة بالمهيع العام في الفكر الظاهري، تتجلى في نوع من التعاطف مع هذا المذهب، وفي هذا الصدد تروى قصة عن أبي عبد الله بن زرقون المدافع عن المذهب المالكى أمام الخليفة عبد المومن الموحدي في مناظرته ... :
"أراد (أي عبد المومن) حمل الناس على كتب ابن حزم، فعارضه فقهاء وقته، وفيهم أبي يحيى بن المواق -وكان أعلمهم بالحديث والمسائل- فلما سمع ذلك لزم داره وأكب على جمع المسائل المنتقدة على ابن حزم حتى أتمها -وكان لا يغيب عنه- فلما أتمها جاء إليه، فسأله عن حاله وغيبته -وكان ذا جلالة عنده ومبرا له- فقال له: يا سيدنا، قد كنت فى خدمتكم، لما سمعتكم تذكرون حمل الناس على كتب ابن حزم، وفيها أشياء أعيذكم بالله على حمل الناس عليها، وأخرجت له دفترا، فلما أخذه الأمير جعل يقرؤه ويقول: أعوذ بالله أن أحمل أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -على هذا". (١)
شيوخ أبي يحيى المواق:
ما كان لمثل والد ابن المواق أبي يحيى أن يكون له شيوخ قلة، ولكن المصادر التي بين يدي شحيحة في هذا الباب، إذ لم يذكر له فيها إلا أبا الربيع بن سالم، وأبا إسحاق بن قرقول، وأبا عبد الله بن الرمامة، وأبا الربيع سليمان بن عبد الرحمن التلمساني.
(١) فتح العلي المالك في فتاوى على مذهب الإمام مالك، لأبي عبد الله الشيخ محمد أحمد عليش. ١/ ١٠٣.