للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الخطب البغدادي: "وأهل العلم مجمعون على أن قول المحدث: "حدثنا فلان عن فلان" صحيح معمول به إذا كان شيخه الذي ذكره يعرف أنه قد أدرك الذي حدث عنه ولقيه وسمع منه، ولم يكن هذا المحدث ممن يدلس، ولا يعلم أنه يستجيز إذا حدثه أحد شيوخه عن بعض من أدرك حديثًا نازلا فسمى بينهما في الإسناد من حدثه به، أن يسقط ذلك المسمى ويروي الحديث عاليا، فيقول: "حدثنا فلان عن فلان" أعني الذي لم يسمعه منه، لأن الظاهر من الحديث السالم رواية مما وصفنا الإتصال، وإن كانت العنعنة هي الغالبة على إسناده" (١)

ومن الذين ادعوا الإجماع على عد الأحاديث العنعنة متصلة، إذا خلت من التدليس، الحاكم النسيابوري. (٢)

المذهب الثالث: وهو اشترط المعاصرة مع إمكان اللقاء دون تحقق ثبوته، فمتي كان الراوي بريئا من تهمة التدليس، وكان لقاؤه بالمروي عنه بالعنعنة ممكنا من حيث السن والبلد، كان حديثه عنه متصلا سواء ثبت أنهما التقيا أو لم يثبت ذلك.

وهذا ما ذهب إليه الإمام مسلم في صحيحه، ونافح عنه في مقدمة كتابه بما لا مزيد عليه، ومنه قوله: "وذلك لأن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا، أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه، لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام، فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة، إلا أن تكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه، أو لم يسمع منه شيئا، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبدا، حتى تكون الدلالة التي بينا ". (٣)


(١) الكفاية، للخطب البغدادي. ص: ٤٢١.
(٢) معرفة علوم الحديث ص: ٤٣.
(٣) مسلم ١/ ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>