الثاني: قوله: "عبد الله الصنابحي روى عن أبي بكر، فإنه أيضا وهم جره وهمه الأول". فإنه لما اعتقد أنه الراوي حديث أبي بكر صلاة أبي بكر في المغرب عد فيمن روى عنه عبد الله الصنابحي أبا بكر، وليس كذلك، فإن عبد الله الصنابحي لا تعرف له رواية إلا في الأحاديث الثلاثة: حديث الوضوء، وحديث إن الشمس تطلع، وحديث الوتر، فاعلمه.
الثالث: قوله إن مالكا لم يعرفه؛ فأسماه عبد الله، فإن الناس كلهم عبيد الله، ونَسْبُه هذا إلى من يقوله، ولم يسم أحدا وهو خطأ من قائله. فإن مالكا، رحمه الله، أشد الناس تحفظا وتورعا فى رواية الحديث والإتيان به على نص ما سمعه. ويشهد على صحة ما قلناه وخطأ من قال ذلك أنه ذكره في حديث "صلاة أبي بكر المغرب" على ما سمعه من أبي عبيد، فقال: عن أبي عبد الله الصنابحي. فدل ذلك أنه في الحديثين أتى به على ما سمع من زيد بن أسلم. والله أعلم.
وقد قال أبو عمر بن عبد البر: ما أظن هذا الإضطراب جاء إلا من زيد بن أسلم.
قال القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي يحيى: لو كان مالك هو الذي أسماه في الحديثين، لاُنه لم يعرفه كما زعم هذا القائل لأسماه في هذا أيضا كذلك، وإنما نقل -رَحِمَهُ اللهُ- ما سمع.
الرابع: أنه أغفل من قول ابن معين وغيره في عبد الله الصنابحي ما يقوي مذهبه فيه. وذلك ما روى ابن أبي خيثمة؛ قال: قال لي يحيى بن معين "الصنابحي؛ عبد الرحمن بن عسيلة لم يلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعبد الله الصنابحي، ويقال أبو عبد الله الصنابحي لقي النبي - صلى الله عليه وسلم -".
قال القاضي أبو عبد الله: ففرق ابن معين بينهما، وأتبت، لأحدهما الصحبة ونفاها عن الآخر. فذكر البخاري في التاريخ حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء، ثم قال: وتابعه ابن أبي مريم عن أبي غسان، عن زيد ...