للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن السكن عن الفربري بإسقاط (عن أبيه)، كأنه طرح الخطأ منه، وأثبت الصواب، وساق عنه الحديث؛ لأنه لم يخطئ في متنه، والله أعلم). اهـ (١)

قلت: الطريق التي سلكها الحافظ ابن المواق في هذا الحديث، هي طريق الترجيح؛ حيث رجح رواية جماعة من الحفاظ على رواية أبي الأحوص، وقد سلك هذا السبيل -في هذا الحديث- طائفة من المحدثين، منهم أبو حاتم الرازي؛ قال ابن أبي حاتم:

(سألت أبي عن حديث رواه أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق، عن عباية ابن رفاعة، عن أبيه، عن أبيه، عن جده، رافع بن خديج .. وذكر الحديث. قال قلت: فأيهما أصح؟ قال الثوري أحفظ) اهـ. (٢)

وأرى أنه لا حاجة إلى الترجيح بين هاتين الروايتين، فأبو الأحوص ثقة، لم ينفرد بروايته، فما الذي يمنع من أن يكون عباية بن رفاعة سمع الحديث من أبيه رفاعة، فحدث به كذلك (وهي رواية أبي الأحوص)، وسمعه من جده، فحدث به كذلك؟

ويتأيد ذلك عندي بإخراج البخاري الحديث من طريقه، وكذا من طريق مخالفيه، فالإمام البخاري، -رَحِمَهُ اللهُ- فحل من كبار فحول الصناعة الحديثية، ولم يدخل في صلب صحيحه، إلا ما صح لدي ٥ من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمتتبع لمنهاج البخاري في صحيحه يلاحظ كثيرا من الدقائق في هذا الباب: فحتى الأحاديث المعلقة عنده، التي كثيرا ما يترجم بها لأبوابه، لا يوردها إيرادا واحدا، فما صح لديه من طريق آخر أورده بصيغة الجزم الدالة على صحة الحديث، وما لم يصح لديه ساقه بإحدى صيغ التضعيف، أو البناء للمجهول.

ولا أرى بأن البخاري لم يكترث لهذه الزيادة في السند -في رواية أبي


(١) انظر -غير مأمور-: ح: ٣٧٧.
(٢) علل الحديث (٢/ ٤٥ المسألة ١٦١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>