في القيام بمهمتهم، وبأدنى جهد؛ وهذا ما جعل الباحثين في كثير من الأحيان يمكثون مدة طويلة لاختيار النص الذي يصلح للتحقيق، ونتيجة لذلك لا تجد من الباحثين من يقبل على المخطوطات اليتيمة التي ليست لها في الخزائن العامة والخاصة إلا نسخة واحدة، أو لها نسخ ولكنها كلها مبتورة، ومن الباحثين من لا يكترث لهذا النوع من الصعاب ويتجشمها مقتحما لها، ولعلي أكون من هذا القسم الثاني.
كان هذا شأني مع تحقيق كتاب غرر الفوائد المجموعة في ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة، لرشيد الدين العطار، -مرحلة دبلوم الدارسات العليا- وهو كتاب لا توجد منه سوى نسختين في الخزائن العالمية -حسب علمي- ولكنهما مبتورتان معا؛ ومما زاد الأمر صعوبة كون جزء من البتر مشتركا في النسختين في نفس الموضع منهما، وقبل أن أقدم على تسجيله -رسالة علمية- لتحقيقه سجله أحد الباحثين في إحدى الجامعات السعودية، لكن ما إن تحقق الباحث أن البتر مشترك بين النسختين في نفس الموضع منهما حتى تخلى عنه ليبحث عن موضوع جديد، واستطعت بحول الله تعالى، وعونه أن أقدم عليه رغم بتره المذكور، وما اكتنف ذلك من الصعاب، وقد يسر الله لي تذليلها، وقد ساعدنا على ذلك التمكن من معرفة موارد رشيد الدين العطار في كتابه، وكذا الإطلاع على نقول عنه من الكتاب المذكور، فتمكنت من ترميم المخطوط وإصلاح ما به من بتر، فتم بفضل الله إخراج الكتاب كاملا.
كان ما تقدم في تحقيق كتاب "الغرر"، لكن الأمر في مخطوط "بغية النقاد" لإبن المواق، أشد وطأة إذ لا يعرف لهذا الكتاب إلا نسخة يتيمة في دير الأسكوريال بأسبانيا، وهي مبتورة من الأول والأخير، هذه كلها عوامل لا تشجع على الإقبال على تحقيق هذا المخطوط، لكن لمن تترك هذه الجوهرة الفريدة، وهذا الكنز الثمين؟ وخصوصا أن عوادي الزمان كثيرة؛ لا تبقي ولا تذر، إن سلم الكتاب من بعضها أصابه البعض الآخر ....
وإذا كانت بعض الجامعات العربية قد اشترطت توفر نسختين من المخطوط -