"هذا أوان يرفع العلم"؛ فقال رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد: يا رسول الله يرفع العلم، وقد أثبت وعته القلوب؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة" وذكر له ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله. قال: فلقيت شداد بن أوس، فحدثته بحديث عوف بن مالك، فقال صدق عوف، ألا أخبرك بأول ذلك يرفع؟ قلت: بلى. قال: الخشوع حتى لا ترى خاشعا). اهـ ملحوظة: في السنن الكبرى المطبوعة (جبير بن نصير) عوض (جبير بن نفير). ولعله خطأ مطبعي، والصواب ما أثبته. ووقع فيه كذلك (لبيد بن زياد)، وهو ما عند الإشبيلي في "الأحكام"، وهو قلب، وصوابه: (زياد ابن لبيد). فالحديث معروف عن زياد بن لبيد، ولم يقل أحد الرواة أنه لبيد بن زياد، وليس في الصحابة من اسمه كذلك، وعليه كون هذا وهما آخر لم ينتبه إليه ابن المواق، إن كانت جميع نسخ "الأحكام" كذلك. السنن الكبرى: كتاب العلم، كيف رفع العلم؟ (٣/ ٤٥٦ ح: ٥٩٠٩)، "الأحكام"، باب رفع أعلم (١/ ل: ٣٧. ب). وانظر كذلك: تحفة الأشراف ٨/ ٢١١ ح: ١٠٩٠٦ قلت: هذا الحديث رواته كلهم ثقات، فهو حديث صحيح. وروى حديث عوف بن مالك هذا الترمذي تعليقا، حيث قال عقب حديث أبي الدرداء: (روى بعضهم هذا عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وهذا نص حديث أبي الدرداء من جامع الترمذي: (حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن ابن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير عن أبي الدرداء؛ قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: "هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء، فقال زياد بن لبيد الأنصاري: كيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن، فو الله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأباءنا. فقال ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم؟ ". قال جبير: فلقيت عبادة بن الصامت، قلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء. قال: صدق أبو الدرداء، إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس: الخشوع؛ يوشك أن تدخل مسجد جماعة، فلا ترى فيه رجلا خاشعا). قال أبو عيسى عقبه: (هذا حديث حسن غريب، ومعاوية بن صالح ثقة عند أهل الحديث، ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير يحيى بن سعيد القطان). اهـ - كتاب العلم، باب ما جاء في ذهاب العلم ٥/ ٣١ ح: ٢٦٥٣. وانظر كذلك تحفة الأشراف ٨/ ٢٢٠