وقد كانت رحلته المشرقية التي قضى فيها ثلاث سنوات خير زاد له في هذا العلم؛ حيث مكنته من لقاء المشايخ وكبار الحفاظ والسماع منهم، فحصل له ما لم يحصل لغيره في عصره من علو السند، وكثرة الشيوخ، ونقل المصنفات بأسانيدها إلى أصحابها، ومعرفة العلل وطبقات الرجال، والإطلاع على النادر من الكتب الحديثية والأجزاء والمسلسلات ... وبالرجوع إلى مصنفاته الحديثية نجد ترجمة عملية لهذه المكانة العالية التي بلغها في علم الحديث رواية ودراية.
وهذه بعض الشهادات من بطون كتبه، وخاصة رحلته المسماة (ملء العيبة):
- شهادة على ضبط ابن رشيد وإتقانه ومعرفته بعلل الحديث:
كان لإبن رشيد -رَحِمَهُ اللهُ- معرفة بطرق الأحاديث وأسانيدها ومتابعاتها وشواهدها، ولذا قلما يمر بحديث فيه انقطاع أو علة أو تحريف لمتن أو إسناد إلا ويقف عنده لينبه على الصواب فيه مقارنا ومحتجا برواية غيره ممن أخذ عنه نفس الحديث؛ حتى يميز الصواب من الخطأ، والأمثلة على ذلك كثيرة؛ ومنها هذا الحديث من الجزء المعروف بجزء أبي جهم العلاء بن موسى الباهلي، وهو مما يروى عن الليث بن سعد، وقد قرأه ابن رشيد على الشيخة الصالحة الكاتبة؛ أم الخير: فاطمة بنت إبراهيم. بن محمود البطائحي بالحرم النبوي؛ قال:
((ومنه بالإسناد: أنا الليث بن سعد، عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس أنه قال:"إن امرأة اشتكت شكوى فنذرت لئن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس، فبرئت وصحت، وظهرت تريد الخروج. فلما أتت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تسلم عليها، فأخبرتها بذلك، فقالت: انطلقى فكلي ما صنعت، وصلي في مسجد الرسول، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: صلاة فيه أفضل من الف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة")).
قال ابن رشيد تعقيبا على هذه الرواية:"قلت كذا سمعنا هذا الحديث على فاطمة، عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس أنه قال: "إن