القطع بجوازه عقلًا. والنص دلَّ على وقوعه شرعًا. فإن جميع الخصال المذكورة في الكفارة غير واجب إجماعًا، ولأنه يقتضي التجوز في (أو)، وهو خلاف الأصل، ولأنه لو أتى الجميع لا يثاب عليه ثواب الواجب، ولا يعاقب على تركه وفاقًا، ولأنه لو وجب عتق جميع العبد.
ولا أن شيئًا منها غير واجب، وهو - أيضًا - إجماعي، ولأنه تعطيل للنص، ولأنه خلاف المفروض، إذ المفروض أنه أوجب شيئًا من الأشياء.
ولا أن الواجب منها ما يختاره المكلف، لأنه يقتضي عدم الوجوب قبل الاختيار، وهو خلاف الإجماع، وظاهر النص.
ولا أن الواجب واحد معين في علم الله تعالى، لأنه يقتضي عدم جواز تركه عينًا، وهو خلاف الإجماع، إذ الإجماع منعقد على جواز ترك كل واحد منهم بشرط الإتيان بالآخرن وهو ظاهر النص.
وعند هذا، لم يبق إلا: أن الواجب واحد لا بعينه.
فإن قيل: يمكن حمل النص على إيجابها بالنسبة إلى مجموع الأمة فلم يلزم ما ذكرتم، سلمناه لكن بفعل بعضها سقط الباقي. كالكفاية.
ثم هو مُعارض: بأن الحكم عبارة عن الخطاب المتعلق، وتعلقه باقتضاء أحد الأمرين المبهمين ممتنع، كتعلقه بالإيجاب على أحد الشخصين لا بعينه. وبأن الواجب مطلوب، وكل مطلوب معين، فما ليس بمعين لا يكون واجبًا.
وأجيب عن الأوّل: -
بأنه خلاف الإجماع، إذ لم يفهم أحد من السلف ذلك منه، ولأنه يقتضي التجوز في (أو)، والإضمارات الكثيرة ..