العلة يجوز أن تثبت حكمين مختلفين. لأنها إن فسرت بـ (المعرف) أو (الداعي) فظاهر، إذ يجوز أن يكون الواحد باعثا على مختلفين، لمناسبته لهما بمشترك بنهما كمناسبة الزنا لتحريمه، ووجوب الحد، ومناسبة القتل العمد العدوان لوجوب القصاص، وحرمان الميراث، ووجوب الكفارة على رأينا.
ولو صح تفسيرها بـ (الموجب) فكذلك مركبة كانت أو بسيطة، إذ لا منافاة بينه وبين مفهوم العلية بالمعنى، والأصل عدم مناف غيره. و - أيضا - القياس على العقلية، والقول: بأن الواحد لا يصدر عنه إلا: الواحد باطل، لما عرف في موضعه. و - أيضا - وقع بالاستقراء، وهو دليل الجواز وزيادة وقيل: لا.
(أ) لامتناع مناسبة الواحد لمختلفين، إذا المعنى من مناسبة الوصف للحكم أن ترتبه عليه كاف في حصول مقصوده، فلو كان مناسبا لمختلفين، لزم حصول الاكتفاء بواحد وعدمه.
(ب) و - أيضا - لا يناسبهما بجهة واحدة، إذ هو ممتنع، بل بجهتين، فيلزم اختلاف علتهما، إذ كل واحد من تينك الجهتين هو العلة بالحقيقة.
وأجيب:
عن (أ) بمنع أنه المعنى منه مطلقا، بل إذا كان ما يترتب عليه كل المناسب.
وعن (ب) أنه لا ينتفي مناسبتها بأمر مشترك بينهما.
[مسألة]
ضابط (الباعث) يجب أن لا يكون بمثابة تلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع بانتفاء الحكمة، أو تحققها. كضابط الحنفية حكمة وجوب القصاص بالجرح: إذ القصاص إنما يجب صيانة للنفس المعصومة عن الفوات، فلو ضبط الوجوب به لزم وجوبه فيمن جرح ولم يقتل، أو قتل بما يقتل قطعا أو غالبا بدونه وهو على خلاف مقتضى الحكمة.