فيه، إذ يعلم ضرورة أنه لا يمتنع ذلك، ولا للتحسين والتقبيح، إذ مضى إبطالهما، ولا للإضرار، لأنه جائز، لسابقة جريمة أو تعقب لذة، ولا لعدم الفائدة إذ لا سبيل إلى الجزم به، فإن الفائدة غير منحصرة في الامتثال، وإذا لم تمتنع هذه، وجب ألا يمتنع، إذ لا مأخذ لامتناعه إلا: هذه، بدليل الدوران الوجودي والعدمي، ولأن الأصل عدم ما عداها.
(يج) الأمر قبل الفعل والقدرة الحادثة معه، إذ لو تقدمت لانعدمت عنده لأنها عرض، والعرض لا يبقى زمانين على ما يبين ذلك في موضعه، فيكون الفعل عند عدم القدرة، وهو محال، و - حينئذ - يكون الأمر حال عدم القدرة، وهو التكليف بالمحال.
[أدلة من قال: لا يصح التكليف بالمحال لذاته.]
احتجوا:
(أ) بقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}[البقرة: أية ٨٦]، {لا يكلف الله نفسا إلا ما ءاتها}[الطلاق: آية ٧]، و {ما جعل}[الحج: آية ٧٨]، {يريد الله}[البقرة: آية ١٨٥].
وقوله - عليه السلام -: "بعثت ... " الحديث.
(ب) الأمر بالمحال سفه وعبث، وهو على الحكيم محال.
(ج) لو جاز ذلك لجاز إظهار المعجزة على يد الكاذب، وإنزال الكتب عليه، ولا يمتنع منه الكذب، ولجاز أمر الجماد، وبعثة الأنبياء إليه، وإنزال الكتب عليه، لأنه سفه مثله.
(د) أن تكليف الأعمى بنقط المصحف، والمقعد بالمشي، والإنسان بالطيران، والجمع بين السواد والبياض - قبيح عرفًا، فكذا شرعًا للحديث.
(هـ) التكليف: طلب وهو فيما لا يتصور لا يتصور، وإنما شرط ذلك: ليتصور منه الطاعة، فإن التكليف اقتضاء الطاعة، فإذا لم يتصور في الفعل الطاعة، لم يتصور فيه