لنا: أنه إن وضع لأحد المعنيين على البدن فقط، لم يجز استعماله فيهما معا، وإن وضع لهما فقط باعتبار المجموع كالقوم أو باعتبار كل واحد منهما كالعام، لم يكن اللفظ مشتركا.
أما أولا: فلاتفاق أكثرهم عليه.
وأما ثانيًا: فلأن المتبادر إلى الفهم منه أحدهما، لا بعينه. ولو سلم ذلك، لكنه يقتضي أن يكون استعماله في أحدهما على البدلية - مجازا، وهو باطل بالاتفاق عليه، وحينئذ لم يكن ذلك استعمالا له في جميع معانيه، بل في بعضها، وإن وضع لهما ولأحدهما على البدلية: فإن استعمل فيهما بأي اعتبار كان من الاعتبارين المذكورين، كان ذلك استعمالًا له لا بعض معانيه، لا كلها، وإن استعمل فيهما أو في أحدهما على البدلية فباطل، لأن بين المفهومين تنافيا، فالجمع بينهما محال.
ولأن المعنى من استعمال اللفظ في حقيقته: أن يحصل الاكتفاء به، فلو استعمل فيهما حقيقة، لزم أن يحصل الاكتفاء بأحدهما، وأن لا يحصل وهو متناقض.
وعلى هذا لا يرد ما أورد على تقدير الإمام.
[أدلة المجوز لحمله على جميع معانيه]
للمجوز:
قوله تعالى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي}[الأحزاب: آية ٥٦]. والصلاة من الله الرحمة. ومن الملائكة الاستغفار، وقد أريدا من الآية، وقوله:{ألم تر أن الله يسجد له} والسجود من الناس: وضع الجبهة على الأرض، لأنه السابق إلى الفهم عندما يضاف إليه، ولتخصيص كثير من الناس بذلك، إذ السجود بمعنى الخشوع يعمهم.
والسجود من غير من يعقل: هو الخشوع، لأنه المتصور منه.
وقد أريد من السجود المذكور في الآية. وأجيب: بأنه متعدد في المعنى، لتعدد فاعليه فكان كالمتعدد لفظا سلمناه، لكنه يجوز أن يكون موضوعا للمجموع، كما هو للآحاد، سلمناه، لكنه بطريق التجوز.