وبأنه لو لم يجز لكان فعله كفعل الطبائع، وهو ينفي كونه مختارا وفي هذا المعنى قال قائلهم:
لولا البدا سميته غير هايب ... وذكر البدا نعت لمن يتقلب
لولا البدا ما كان فيه تصرف ... وكان كنار دهرها يتلهب
وكان كضوء مشرق بطبيعة ... وبالله عن ذكر الطبائع يرغب
واعلم أن نصوص الكتاب كقوله:{وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء}[يونس: آية ٦١]، وقوله:{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}[الأنعام: آية ٥٩]، وغيرها يدل على إحاطة علمه تعالى بجميع الأشياء، والبراهين العقلية دالة عليه - أيضا - ثم هو معلوم البطلان قطعا من دين الرسل - عليهم السلام -.
ولا حجة في الآية، لأن المحو للمشيئة، لا للبداء، بل فيه دلالة على بطلانه.
وجواب المعقول: ما تقدم في أول المسألة.
وكونه مختارا بنفي ذلك، لأن المختار هو الذي يفعل بمحض الاختيار، لا لأنه بدا له، على أن الملازمة ممنوعة، وسنده بين.