والحق: أنه لا يجوز كغيرهم، وثناء الله تعالى عليهم بقوله، {لقد رضي الله عن المؤمنين}[الفتح: آية ١٨] و {السابقون الأولون}[التوبة: آية ١٠٠] ونحوهما، وثناء وميوله بقوله:"خير القرون قرني" الحديث، وقوله:"أصحابي كالنجوم"، ونحوها، يوجب حسن الاعتقاد فيهم وتعظيمهم، والقطع بحسن حالهم عند الله تعالى.
فأما وجوب تقليدهم أو جوازه: فلا، يؤكده: أنه ورد مثله في آحاد الصحابة مع القطع أنه لا يجب على غيرهم من الصحابة تقليدهم، بل لا يجوز.
مسألة
في تفاريع القديم:
(أ) قال الشافعي - رضي الله عنه - نقل عن علي - رضي الله عنه - أنه صلى في ليلة ست ركعات، في كل ركعة ست سجدات، وقال: لو ثبت ذلك عنه لقلت به، لأن الظاهر أنه فعله توقيعا.
واعترض الشيخ الغزالي عليه: بأنه لم ينقل فيه حديثا، حتى يتأمل لفظه ومورده، وقرائنه وفحواه، وما يدل عليه، ولم يتعبد إلا: بخبر يروى مكشوفا يمكن النظر فيه، وما كانت الحصابة يكتفون بمثله في صحة الخبر، من غير تصريح به. وهو ضعيف، إذ لا يستدعي ذلك خبرا بلفظ الرسول، أو بلفظ الراوي، حتى يتأتى فيه ما ذكر، لجواز أنه شاهد ذلك منه، ولأن ذلك تفريعا على القديم، فلا يذكر فيه ما ينافيه.
(ب) قال في موضع: (قول الصحابي إذا انتشر ولم يخالف حجة)، ولعله تفريع على القديم، الذي يقتضي وجوب الأخذ بمذهبه، لا الذي يقتضي جوازه، فلا يحسن إيراده - هنا -.
قال الغزالي: السكوت ليس بقول، فأي فرق بين الانتشار وعدمه قال الإمام: والعجب منه أنه تمسك بمثله في حجية خبر الواحد والقياس. ولا يرد عليه أن حجيته ليس بطريق