الفقهاء والأصوليين: لأن أقوالهم بالنسبة إلى العامي كالأمارات بالنسبة إليهم، ولأن النظر في تقليد الأعم، والأورع أكثر، ويعرف ذلك بالشهرة والتسامح، وبكثرة السؤال من أهل الخبرة، وتعظيم الناس له لعلمه وورعه، واشتغال الناس عليه، والاستفتاء منه، والتجربة: بأن يحفظ مسائل وأجوبتها، ويسألهم عنها، فمن أصاب أو كان أكثر إصابة فهو أعلم. وقال القاضي وجمع من الفقهاء والأصوليين: لا يجب لتعذره عليه، أو تعسره، لقوله - عليه السلام - "أصحابي كالنجوم ... " الحديث، ولأن الصحابة والعلماء في كل عصر، لا ينكرون على العوام بتركهم النظر في أحوالهم، ولأن الخلفاء الأربعة، وكذا الأفاضل في كل عصر ما كانوا ينكرون على المستفتي، إذا ترك أقوالهم، وأخذ بقول المفضول، فإذا لم يجب ذلك مع العلم أو الظن بتحققه، فلأن لا يجب الاجتهاد بالطريق الأولى.
فإن لم يوجب، أو أوجب - لكن تخير - يخير، ولا يبعد التوقف إلى ظهور الرجحان في صورة التخيير إن لم يفت المقصود، وتخريجه على تعادل الأمارتين - بعيد، لإمكان حمله على التعادل الذهني.
وعند ظن التساوي في الدين، دون العلم: يجب الأخذ بقول الأعلم على الأصح، لكثرة الظن، وقياسا على تقديمه في الصلاة. وقيل: يتخير، وهو بعيد.
وفي عكسه: يجب الأخذ بقول الأدين وفاقا، والفرق عسر على فرق. وعند الاختلاف: الأظهر أنه يجب الأخذ بقول الأعلم. وقياس مذهب من خير: يقتضي رجحان قول الأدين.
[مسألة]
الأظهر: جواز الاستفتاء لعالم غير مجتهد، لأنه كالعامي بالنسبة إلى الحكم المطلوب.