للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ليس مجرد الجرح ضابطه، بل جرح يؤدي إلى القتل، فلا يرد.

قلت: منكم من أطلق ذلك، فيرد عليه، ومن قيده بما ذكرتم يرد عليه جرح يؤدي إليه، لكنه لا يقتل غالبا، والتزامه بعيد جدا. لا يقال: مثله وارد عليكم في الاستبراء، إذ أوجبتموه وإن كانت الجارية بكرا، أو صغيرة، أو آيسة - لأنا نمنع الحكم على رأي، ثم إنه لإطلاق الحديث الوارد فيه. سيما قد تأكد بالإيماء، وهو ترتيب الحكم على الوصف، ولذلك لم يجز أن يستنبط منه معنى يخصص الحكم، وإن جوز ذلك في غيره، وقد تترك المناسبة لقوة الإيماء، فعند تأكده بالإطلاق أولى، فلو خلينا والمناسبة لما ضبطنا به.

و- أيضا - إذا ظهر تأثير الوصف في الحكم، فإنه يثبت به الحكم في الفرع، وإن لم تظهر مناسبته وترجحه على ما ظهر مناسبته، فإذا ترك المناسبة لأجل التأثير في الفرع، مع أنه لا يتناوله النص، فلأن يترك فيما تناوله النص بإطلاقه أولى. واحتمال كونه ضابطا لحكمة أخرى في تلك الصورة خلاف الأصل، وخلاف الفرض، إذ يفرض الكلام فيما إذا لم يكن كذلك، ولأنه يقتضي تعليل الحكم بعلتين مختلفتين.

[مسألة]

قيل: ما ضبط به الحكمة يجب أن يكون بمثابة لا توجد الحكمة بدونه وإلا: فإن ترتب الحكم عليها في تلك الصورة لزم أن تكون هي العلة دون الضابط، وإلا: لزم إلغاء المقصود الأصلي واعتبار غيره. وهو يلتفت إلى التعليل بعلتين مختلفتين، والتعليل بالحكمة.

مثاله: ضبط الحنفية العمدية باستعمال الجارح، فإنه يقتضي ترك العمد به، مع تيقن وجودها، كما إذا أصاب رأس إنسان بصخرة عظيمة أو ألقاه في ماء مغرق، أو نار محرقة.

[مسألة]

قيل: إن فسرت العلة بـ (الباعث) أو (الموجب) لم يجز تعليل الحكم بمتأخر عن وجوده، وإلا: جاز. لكن في غير الأصل، إذ لا يجوز تعليل حكمة بالعلة بمعنى (الإمارة). وقيل: لا، لأنه إنما جوز أن تكون العلة بمعنى (المعرف)، لأنها تعرف الحكم في الفرع، وهو مفقود، إذ الحكم معلوم قبلها.

وأجيب:

بالنقض، لجواز اجتماع المعرفات على معرف واحد، وبجواز اجتماع الأدلة على مدلول واحد وعند هذا يظهر: أنه لا يمتنع ذلك في الأصل، إذ غايته أن يكون حكمه معرفا بالنص

<<  <  ج: ص:  >  >>