في أنه - عليه السلام - هل كان متعبدا بشرع أحد بعد الأنبياء؟ اختلفوا فيه: فنفاه الأشاعرة والمعتزلة وكثير من الفقهاء. وأثبته الحنفية وبعض الشافعية والإمام أحمد - في رواية - وتوقف فيه آخرون، كالغزالي وعبد الجبار.
والمثبون اختلفوا في أنه متعبد بشرع من؟ حسب اختلافهم في السابقة، وكون شرع من قبلنا هل هو شرع لنا؟ مبني على هذا.
للمثبت:
قوله تعالى:{إنا أنزلنا التوراة}[المائدة: آية ٤٤] الآية، ترك العمل بها في الأنبياء الذي كانوا قبل موسى، فيبقى معمولا به في الذين بعده.
وأجيب: بأنه متروك الظاهر، إذ لم يحكم جميع النبيين بجميع ما فيها بل الكل، وعلى التقديرين لا تتم الحجة. وقوله تعالى:{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتداه}[الأنعام: آية ٩٠] وظاهره الأمر بمتابعهم، وهو يفيد المطلوب.
وأجيب:
بأن المراد أصول الدين، لأنه الذي يضاف إلى جميعهم، دون الفروع، فإنها مختلف فيها فيما بينهم، ولأن الهدى مطلقا - إنما تستعمل في أصول الديانات.
وقوله تعالى:{إنا أوحينا إليك}[النساء: آية ١٦٣].
وجوابه: أنه تشبيه للوحي بالوحي، لا تشبيه بالموحى به بالموحى به ولو سلم لما أفاد المطلوب، لأنه يدل على أنه يدل على أنه أوحى غليه بمثل تلك الأحكام، وهو لا يفيد المطلوب.